لباب التأويل، ج ٤، ص : ٢٥٥
سورة المجادلة
مدنية وهي اثنان وعشرون آية وأربعمائة وثلاث وسبعون كلمة وألف وسبعمائة واثنان وتسعون حرفا بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١)قوله عز وجل : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها «نزلت في خولة بنت ثعلبة وقيل اسمها جميلة وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت وكان به لمم وكانت هي حسنة الجسم فأرادها فأبت عليه فقال لها أنت عليّ كظهر أمي ثم ندم على ما قال وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية فقال ما أظنك إلا قد حرمت عليّ فقالت واللّه ما ذاك طلاق فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعائشة تغسل شق رأسه فقالت يا رسول اللّه إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات أهل ومال حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي وكبر سني ظاهر مني وقد ندم فهل من شيء يجمعني وإياه وتنعشني به فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حرمت عليه فقالت يا رسول اللّه والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر الطلاق وإنه أبو ولدي وأحب الناس إليّ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حرمت عليه فقالت أشكو إلى اللّه فاقتي ووحدتي قد طالت له صحبتي ونثرت له بطني فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أراك إلا قد حرمت عليه ولم أومر في شأنك بشيء فجعلت تراجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكلما قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حرمت عليه هتفت وقالت أشكو إلى اللّه فاقتي ووحدتي وشدة حالي وإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليّ جاعوا وإن ضممتهم إليه ضاعوا وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول اللهم أشكو إليك اللهم فأنزل على لسان نبيك فرجي وهذا كان أول ظهار في الإسلام، فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر فقالت انظر في أمري جعلني اللّه فداءك يا نبي اللّه فقالت عائشة أقصري حديثك ومجادلتك أما ترين وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات فلما قضي الوحي قال ادعي لي زوجك فتلا عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد سمع اللّه قول التي تجادلك في زوجها الآية (ق)
عن عائشة قالت الحمد للّه الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة خولة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وكلمته في جانب البيت وما أسمع ما تقول فأنزل اللّه قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ الآية وأما تفسير الآية فقوله تعالى قد سمع اللّه قول التي تجادلك أي تحاورك وتخاصمك وتراجعك في زوجها أي في أمر زوجها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ أي شدة حالها وفاقتها ووحدتها، وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما أي مراجعتكما الكلام إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ أي لمن يناجيه ويتضرع إليه بَصِيرٌ أي بمن يشكو إليه ثم ذم الظهار فقال تعالى :
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢]
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ يعني يقولون لهن أنتن كظهور أمهاتنا ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ أي ما اللواتي