لباب التأويل، ج ٤، ص : ٢٩٩
عبد اللّه بن أبي فقال أسيد وما قال؟ قال يزعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل فقال أسيد أنت واللّه يا رسول اللّه تخرجه هو واللّه الذليل وأنت واللّه العزيز ثم قال يا رسول اللّه ارفق به فو اللّه لقد جاء اللّه بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد سلبته ملكا وبلغ عبد اللّه بن عبد اللّه بن أبي ما كان من أبيه فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال يا رسول اللّه إنه بلغني أنك تريد قتل عبد اللّه بن أبي لما بلغك عنه فإن كنت فاعلا فمرني فأنا أحمل إليك رأسه فو اللّه لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني
وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد اللّه بن أبي يمشي على الأرض فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا قالوا وسار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومه ذلك حتى أمسى وليلته حتى أصبح وصدر يومه حتى آذتهم الشمس فنزل بالناس فلم يكن إلا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما وإنما فعل ذلك ليشتغل الناس عن حديث عبد اللّه بن أبي الذي كان منه بالأمس ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز فويق البقيع يقال لها نقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها وضلت ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك بالليل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار توفي بالمدينة فقيل من هو؟ قال رفاعة بن زيد بن التابوت فقال رجل من المنافقين كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم بمكان ناقته ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبره بقول المنافق وبمكان ناقته فأخبر بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أصحابه وقال ما أزعم أني أعلم الغيب ولا أعلمه ولكن اللّه أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي هي في الشعب وقد تعلق زمامها بشجرة فخرجوا يسعون قبل الشعب فإذا هي كما قال فجاؤوا بها فآمن ذلك المنافق وحسن إيمانه فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت قد مات في ذلك اليوم وكان من عظماء اليهود وكهفا للمنافقين فلما وافى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة قال زيد بن أرقم جلست في البيت لما بي من الهم والحياء فأنزل اللّه عز وجل سورة المنافقين في تصديق زيد بن أرقم وتكذيب عبد اللّه بن أبي فلما نزلت أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بإذن زيد وقال يا زيد إن اللّه قد صدقك وأوفى بإذنك (ق) عن زيد بن أرقم قال «خرجنا مع رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم في سفر أصاب الناس فيه شدة فقال عبد اللّه بن أبي لا تنفقوا عليّ من عند رسول اللّهصلّى اللّه عليه وسلّم حتى ينفضوا من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد اللّه بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا كذب زيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل اللّه بتصديقي إذا جاءك المنافقون قال ثم دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليستغفر لهم قال فلووا رؤوسهم وقوله كأنهم خشب مسندة قال كانوا رجالا أجمل شي ء» (ق) عن جابر قال «غزونا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد بات معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال ما بال دعوى الجاهلية ثم قال ما شأنهم فأخبر بسكعة المهاجري الأنصاري فقال دعوها فإنها خبيثة وقال عبد اللّه بن أبي ابن سلول أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال عمر ألا أقتل يا نبي اللّه هذا الخبيث لعبد اللّه فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه» ولمسلم رواية «و فيها فقال لا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما كان أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره» وزاد الترمذي فيه «فقال له ابنه عبد اللّه بن عبد اللّه لا تنقلب حتى تقر أنك أنت الذليل ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العزيز ففعل» قال أصحاب السير وكان عبد اللّه بن أبي بقرب المدينة فلما أراد أن يدخلها جاءه ابنه عبد اللّه حتى أناخ على مجامع طرق المدينة فلما جاء عبد اللّه بن أبي قال له ابنه وراءك قال ويلك ما لك قال لا واللّه
لا تدخلها أبدا إلا أن يأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولتعلمن اليوم من الأعز ومن الأذل فشكا عبد اللّه بن أبي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما
صنع ابنه عبد اللّه فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن خل عنه يدخل فقال عبد اللّه أما إذا جاء أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنعم فدخل قالوا فلما نزلت هذه السورة وتبين كذب المنافقين قيل يا أبا حباب إنه