لباب التأويل، ج ٤، ص : ٣٢٨
أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير اللّه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزيرا ابن اللّه قال كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم تدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ابن اللّه فيقال لهم كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد فيقال لهم ماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فماذا تنتظرون لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيقولون يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ باللّه منك لا نشرك باللّه شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية لتعرفونه بها فيقولون نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد نفاقا ورياء إلا جعل اللّه ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم، قيل يا رسول اللّه وما الجسر قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون
من النار فو الذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد منا شدة للّه في استقصاء الحق من المؤمنين للّه يوم القيام لإخوانهم الذين في النار فيقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا وقد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا به فيقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا به ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا، وكان أبو سعيد يقول إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم : إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما فيقول اللّه عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصفر أو أخضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم تعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء اللّه الذين أدخلهم اللّه الجنة بغير عمل عملوه و
لا خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضائي فلا أسخط عليكم أبدا» لفظ مسلم والبخاري نحوه بمعناه.
(فصل : في شرح ألفاظ الحديث وما يتعلق به) أما الرؤية وما يتعلق بها فسيأتي الكلام عليها في موضعها إن شاء اللّه تعالى.
قوله «حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها وفي رواية أبي هريرة فيأتيهم اللّه في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ باللّه منك