لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٤٠
السّائل : يريدنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول هل توجهون إلى أهليكم بشيء وقيل السائل هو طالب العلم فيجب إكرامه وإسعافه بمطلوبه ولا يعبس في وجهه ولا ينهر ولا يلقى بمكروه وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ قيل أراد بالنّعمة النّبوة أي بلغ ما أرسلت به وحدث بالنبوة التي أتاك اللّه، وقيل النعمة هي القرآن أمره أن يقرأه ويقرئه غيره، وقيل أشكره لما ذكره نعمه عليه في هذه السّورة من جبر اليتيم والهدى بعد الضّلالة والإغناء بعد العيلة والفقر أمره أن يشكره على إنعامه عليه، والتحدث بنعمة اللّه تعالى شكرها.
عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من أعطي عطاء فليجزه إن وجد فإن لم يجد فليثن عليه فإن من أثنى عليه فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور» أخرجه التّرمذي وله عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من لا يشكر الناس لا يشكر اللّه» وله عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «الطّاعم الشّاكر بمنزلة الصّائم الصّابر» وروى البغوي بإسناد الثّعلبي عن النّعمان بن بشير قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على المنبر يقول «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر اللّه، والتحدث بنعمة اللّه شكر وتركه كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب» والسنة في قراءة أهل مكة أن يكبر من أول سورة الضّحى على رأس كل سورة حتى يختم القرآن فيقول اللّه أكبر وسبب ذلك أن الوحي لما احتبس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال المشركون : هجره شيطانه، وودعه، فاغتم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لذلك فلما نزلت والضّحى كبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرحا بنزول الوحي، فاتخذوه سنة، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.