لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٤٣
ألا يا أيها المرء الذي الهم به برح
وقد أنشد بيتا لم يزل في فكره يسنح
إذا اشتد بك العسر ففكر في ألم نشرح
فعسر بين يسرين إذا أبصرته فافرح
قال فحفظت الأبيات ففرج اللّه عني وقال إسحاق بن بهلول القاضي :
فلا تيأس إذا أعسرت يوما فقد أيسرت في دهر طويل
ولا تظنن بربك ظن سوء فإن اللّه أولى بالجميل
فإن العسر يتبعه يسار وقول اللّه أصدق كل قيل
وقال أحمد بن سليمان في المعنى :
توقع لعسر دهاك سرورا ترى العسر عنك بيسر تسرى
فما اللّه يخلف ميعاده وقد قال إن مع العسر يسرا
وقال غيره :
وكل الحادثات إذا تناهت يكون وراءها فرج قريب
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ٧ الى ٨]
فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
قوله عز وجل : فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ لما عدد اللّه على نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم نعمه السالفة حثه على الشكر، والاجتهاد في العبادة، والنصب فيها وأن لا يخلي وقتا من أوقاته منها، فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى، والنصب التعب قال ابن عباس : إذا فرغت من الصّلاة المكتوبة، فانصب إلى ربك في الدعاء، وارغب إليه في المسألة وقال ابن مسعود : إذا فرغت من الفرائض، فانصب في قيام اللّيل، وقيل إذا فرغت من التّشهد فادع لدنياك وآخرتك، وقيل إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب في عبادة ربك، وقيل إذا فرغت من تبليغ الرّسالة فانصب في الاستغفار لك وللمؤمنين. قال عمر بن الخطاب إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته.
السبهلل الذي لا شيء معه، وقيل السبهلل الباطل وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ أي تضرع إليه راغبا في الجنة راهبا من النار، وقيل اجعل رغبتك إلى اللّه تعالى في جميع أحوالك لا إلى أحد سواه واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon