لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٥١
ليلة أخرى هكذا أبدا قالوا : وبهذا يجمع بين الأحاديث الواردة في أوقاتها المختلفة وقال : مالك والثّوري وأحمد، وإسحاق وأبو ثور، إنها تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، وقيل بل تنتقل في رمضان كله، وقيل إنها في ليلة معينة لا تنتقل عنها أبدا في جميع السنين لا تفارقها، فعلى هذا هي في ليلة من السّنة كلها وهو قول ابن مسعود وأبي حنيفة، وصاحبيه وروي عن ابن مسعود أنه قال : من يقم الحول يصبها فبلغ ذلك عبد اللّه بن عمر فقال يرحم اللّه أبا عبد الرّحمن. أما إنه علم أنها في شهر رمضان ولكن أراد أن لا يتكل الناس وقال جمهور العلماء : إنها في شهر رمضان، واختلفوا في تلك الليلة فقال أبو رزين العقيلي : في أول ليلة من شهر رمضان، وقيل هي ليلة سبعة عشر وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر يحكى هذا عن زيد بن أرقم وابن مسعود أيضا، والحسن والصّحيح الذي عليه الأكثرون أنها في العشر الأواخر من رمضان واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
(ذكر الأحاديث الواردة في ذلك) (ق) عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها قالت :«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجاور العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (م) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال «أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان» وذهب الشّافعي إلى أنها ليلة إحدى وعشرين (ق) عن أبي هريرة أن أبا سعيد قال «اعتكفنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العشر الأواسط فلما كانت صبيحة عشرين نقلنا متاعنا فأتانا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه، وأنا رأيت هذه الليلة، ورأيتني أسجد في ماء وطين، فلما رجع إلى معتكفه هاجت السماء فمطرنا فو الذي بعثه بالحق لقد هاجت السماء من آخر ذلك اليوم، وكان المسجد على عريش، ولقد رأيت على أنفه وأرنبته أثر الماء والطين»، وفي رواية نحوه إلا أنه قال «حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي اللّيلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر»، وورد في فضل ليلة القدر اثنان وعشرون حديثا عن عبد اللّه بن أنيس قال :«كنت في مجلس لبني سلمة وأنا أصغرهم فقالوا من يسأل لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن ليلة القدر وذلك في صبيحة إحدى وعشرين من رمضان فخرجت فوافيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت أرسلني إليك رهط من بني سلمة يسألونك عن ليلة القدر، فقال كم اللّيلة فقلت اثنتان وعشرون فقال هي اللّيلة، ثم رجع فقال أو القابلة يريد ثلاثا وعشرين» أخرجه أبو داود.
وذهب جماعة من الصّحابة وغيرهم أن ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين ومال إليه الشّافعي أيضا (خ) عن الصّنابحي، أنه سأل رجلا هل سمعت في ليلة القدر شيئا قال، أخبرني بلال مؤذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنها في أول السبع من العشر الأواخر، وهذا اللفظ مختصر عن عبد اللّه بن أنيس قال :«قلت يا رسول اللّه إن لي بادية أكون فيها وأنا أصلي فيها بحمد اللّه فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد، فقال انزل ليلة ثلاث وعشرين قيل لابنه كيف كان أبوك يصنع قال : كان يدخل المسجد إذا صلّى العصر فلا يخرج إلا لحاجة حتى يصلي الصبح، فإذا صلّى الصبح وجد دابته على باب المسجد فجلس عليها ولحق بباديته» أخرجه أبو داود ولمسلم عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال «أريت ليلة القدر ثم أنسيتها وأراني أسجد صبيحتها في ماء وطين» قال فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه، ويحكى عن بلال وابن عباس والحسن أنها ليلة أربع وعشرين (خ) عن ابن عباس قال التمسوها في أربع وعشرين، وقيل في ليلة خمس وعشرين دليله قوله صلّى اللّه عليه وسلّم «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان»، وقيل هي ليلة سبع وعشرين يحكى ذلك عن جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب وابن عباس وإليه ذهب أحمد (م) عن زر بن حبيش قال سمعت أبي بن كعب يقول وقيل له إن عبد اللّه بن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر قال أبيّ : واللّه الذي لا إله إلا هو إنها لفي


الصفحة التالية
Icon