لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٥٧
وأما تخصيص هذه السّورة بالقراءة، فإنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة، وكان الحال يقتضي الاختصار، وأما الحكمة في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالقراءة على أبي فهي أن يتعلم أبي القراءة من ألفاظه صلّى اللّه عليه وسلّم، وضبط أسلوب الوزن المشروع وقدره بخلاف ما سواه من النّعم المستعملة في غيره فكانت قراءته على أبي ليتعلم أبي منه لا ليتعلم هو من أبي وقيل إنما قرأ على أبي ليتعلم غيره التواضع والأدب وأن لا يستنكف الشريف وصاحب الرتبة العالية أن يتعلم القرآن ممن هو دونه، وفيه تنبيه على فضيلة أبي والحث عن الأخذ عنه وتقديمه في ذلك فكان كذلك بعد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم رأسا وإما ما في القراءة وغيرها، وكان أحد علماء الصحابة رضي اللّه عنهم أجمعين واللّه سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.