لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٧٧
ضر، وهو ما ذكره في سورة الفيل، والثاني جلب نفع، وهو ما ذكره في هذه السّورة، ولما دفع اللّه عنهم الضّر، وجلب لهم النفع، وهما نعمتان عظيمتان أمرهم بالعبودية، وأداء الشكر، وقيل إنه تعالى لما كفاهم أمر الرّحلتين أمرهم أن يشتغلوا بعبادة رب هذا البيت. فإنه هو الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ومعنى الذي أطعمهم من جوع، أي من بعد جوع بحمل الميرة إليهم من البلاد في البر والبحر، وقيل في معنى الآية أنهم لما كذبوا محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم دعا عليهم، فقال اللّهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فاشتد عليهم القحط، وأصابهم الجوع، والجهد، فقالوا : يا محمد ادع اللّه لنا فإنا مؤمنون فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخصبت البلاد، وأخصب أهل مكة بعد القحط، والجهد، فذلك قوله تعالى الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ، أي بالحرم وكونهم من أهل مكة حتى لم يتعرض لهم أحد في رحلتهم، وقيل آمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم الجذام، وقيل آمنهم بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وبالإسلام واللّه أعلم.