لباب التأويل، ج ٤، ص : ٦٤
والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول أنا الملك فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وفي رواية «و الماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن وفيه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا له ثم قرأ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية (ق) عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال :«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يطوي اللّه السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون، وفي رواية يقول : أنا اللّه ويقبض أصابعه ويبسطها ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون، وفي رواية يقول : أنا اللّه ويقبض أصابعه أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى أني أقول أساقط هو برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» لفظ مسلم وللبخاري «أن اللّه يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السموات بيمينه ويقول أنا الملك» (خ) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول «يقبض اللّه الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض» قال أبو سليمان الخطابي ليس فيما يضاف إلى اللّه عز وجل من صفة اليدين شمال لأن الشمال محمل النقص والضعف وقد روى كلتا يديه يمين وليس عندنا معنى اليد الجارحة إنما هي صفة جاء بها التوقيف فنحن نطلقها على ما جاءت ولا نكيفها وننتهي إلى حيث انتهى الكتاب والأخبار المأثورة الصحيحة وهذا مذهب أهل السنة والجماعة وقال سفيان بن عيينة كل ما وصف اللّه به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.
قوله عز وجل : وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ أي ماتوا من الفزع وهي النفخة الأولى إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ تقدم في سورة النمل تفسير هذا الاستثناء وقال الحسن إلا من يشاء اللّه يعني اللّه وحده ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أي في الصور أُخْرى مرة أخرى وهي النفخة الثانية فَإِذا هُمْ قِيامٌ أي من قبورهم يَنْظُرُونَ أي ينتظرون أمر اللّه فيهم (ق) عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «ما بين النفختين أربعون قالوا أربعون يوما، قال أبو هريرة : أبيت، قالوا : أربعون شهرا، قال أبو هريرة : أبيت، قالوا :
أربعون سنة قال : أبيت، ثم ينزل اللّه عز وجل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة»
قوله تعالى :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦٩ الى ٧٣]
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (٧١) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣)
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وذلك حين يتجلى الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء بين خلقه فما يضارون في نوره كما لا يضارون في الشمس في اليوم الصحو وقيل بعدل ربها وأراد بالأرض عرصات القيامة وَوُضِعَ الْكِتابُ أي كتاب الأعمال وقيل اللوح المحفوظ لأن فيه أعمال جميع الخلق من المبدأ إلى المنتهى وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ يعني ليكونوا شهداء على أممهم وَالشُّهَداءِ قال ابن عباس يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة وهم أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وقيل يعني الحفظة وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أي بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ أي لا يزاد في


الصفحة التالية
Icon