البحر المحيط، ج ١، ص : ٢٥٦
قوله : سمعت الشاشي في مجلس النضر بن شميل، وبين النضر والشاشي من السنين مئون، إلا إن كان ثم مكان معروف بمجلس النضر بن شميل فيمكن. وقرىء : ولا تقربا بكسر التاء، وهي لغة عن الحجازيين في فعل يفعل، يكسرون حرف المضارعة التاء والهمزة والنون، وأكثرهم لا يكسر الياء، ومنهم من يكسرها، فإن كان من باب : يوحل، وكاسر، وفاتح، مع إقرار الواو وقلبها ألفا. هذِهِ : إشارة للحاضر القريب من المخاطب. وقرأ ابن محيصن : هذي بالياء. وقرأ الجمهور بالهاء.
الشَّجَرَةَ : نعت لإسم الإشارة، ويحتمل الإشارة أن تكون إلى جنس من الشجر معلوم، ويحتمل أن تكون إلى شجرة واحدة من الجنس المعلوم، وهذا أظهر، لأن الإشارة لشخص ما يشار إليه. قال ابن مسعود وابن عباس وابن جبير وجعدة بن هبيرة : هي الكرم، ولذلك حرمت علينا الخمر، وقال ابن عباس أيضا، وأبو مالك وقتادة : السنبلة، وكان حبها ككلى البقر أحلى من العسل وألين من الزبد. روي ذلك عن وهب. ولما تاب اللّه على آدم جعلها غذاء لبنيه. قال بعض الصحابة وقتادة : التين، وقال علي : شجرة الكافور.
وقال الكلبي : شجرة العلم، عليها من كل لون، ومن أكل منها علم الخير والشر. وقال وهب :
شجرة الخلد، تأكل منها الملائكة. وقال أبو العالية : شجرة من أكل منها أحدث. وقال بعض أهل الكتاب : شجرة الحنظل. وقال أبو مالك : النخلة. وقيل : شجرة المحنة.
وقيل : شجرة لم يعلمنا اللّه ما هي، وهذا هو الأظهر، إذ لا يتعلق بعرفانها كبير أمر، وإنما المقصود إعلامنا أن فعل ما نهينا عنه سبب للعقوبة. وقرىء : الشجرة بكسر الشين، حكاها هارون الأعور عن بعض القراء. وقرىء أيضا الشيرة، بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها، وكره أبو عمرو هذه القراءة وقال : يقرأ بها برابر مكة وسودانها، وينبغي أن لا يكرهها، لأنها لغة منقولة، فيها قال الرياشي : سمعت أبا زيد يقول : كنا عند المفضل وعنده أعراب، فقلت : إنهم يقولون شيرة، فقالوا : نعم، فقلت له : قل لهم يصغرونها، فقالوا شييرة، وأنشد الأصمعي :
نحسبه بين الأنام شيره وفي نهي اللّه آدم وزوجه عن قربان الشجرة دليل على أن سكناهما في الجنة لا تدوم، لأن المخلد لا يؤمر ولا ينهى ولا يمنع من شيء. فتكونا منصوب جواب النهي، ونصبه عند سيبويه والبصريين بأن مضمرة بعد الفاء، وعند الجرمي بالفاء نفسها، وعند


الصفحة التالية
Icon