البحر المحيط، ج ١، ص : ٢٦٧
تقمص، والعمل فيه نحو : تسحر، والاتخاذ نحو : تبنيت الصبي، ومواصلة العمل في مهلة نحو : تفهم، وموافقة استفعل نحو : تكبر، وموافقة المجرد نحو : تعدى الشيء، أي عداه، والإغناء عنه نحو : تكلم، والإغناء عن فعل نحو : توبل، وموافقة فعل نحو : تولى، أي ولى، والختل، نحو : تعقلته، والتوقع نحو : تخوفه، والطلب نحو : تنجز حوائجه، والتكثير نحو : تعطينا. ومعنى تلقى الكلمات : أخذها وقبولها، أو الفهم، أو الفطانة، أو الإلهام أو التعلم والعمل بها، أو الاستغفار والاستقالة من الذنب. وقول من زعم أن أصله : تلقن، فأبدلت النون ألفا ضعيف، وإن كان المعنى صحيحا، لأن ذلك لا يكون إلا مما كان عينه ولامه من جنس واحد نحو : تظنى، وتقضى، وتسرّى، أصله : تظنن، وتقضض، وتسرّر.
ولا يقال في تقبل : تقبى. وقرأ الجمهور : برفع آدم ونصب الكلمات، وعكس ابن كثير.
ومعنى تلقى الكلمات لآدم : وصولها إليه، لأن من تلقاك فقد تلقيته فكأنه قال : فجاءت آدم من ربه كلمات. وظاهر قوله : كلمات، أنها جملة مشتملة على كلم، أو جمل من الكلام قالها آدم، فلذلك قدروا بعد قوله : كلمات، جملة محذوفة وهي فقالها فتاب عليه.
واختلفوا في تعيين تلك الكلمات على أقوال، وقد طولوا بذكرها، ولم يخبرنا اللّه بها إلا مبهمة، ونحن نذكرها كما ذكرها المفسرون، قال ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وابن كعب وعطاء الخراساني والضحاك وعبيد بن عمير وابن زيد : هي رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا «١»، الآية.
وروي عن ابن مسعود، أن أحب الكلام إلى اللّه ما قاله أبو ناحين :«اقترف الخطيئة سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك، لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». وسئل بعض السلف عما ينبغي أن يقوله المذنب فقال : يقول ما قاله أبواه :«ربنا ظلمنا أنفسنا رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي» وما قاله يونس : لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. وروي عن ابن عباس ووهب أنها :«سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي إنك خير الغافرين».
وقال محمد بن كعب هي :«لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم».
وحكى السدّي عن ابن عباس أنه قال :«رب ألم تخلقني بيدك؟» قال : بلى، قال : ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال : بلى، قال :
ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال : بلى، قال : ألم تسكني جنتك؟ قال : بلى، قال : رب إن
(١) سورة الأعراف : ٧/ ٢٣.