البحر المحيط، ج ١، ص : ٣١٢
الحارث بن عبد المطلب ومواليهم. وورد أيضا أن آله : أزواجه وذريته، فدل على أنه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آل عام وآل خاص.
وفرعون : علم لمن ملك العمالقة، كما قيل : قيصر لمن ملك الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وتبع لمن ملك اليمن. وقال السهيلي : هو اسم لكل من ملك القبط ومصر، وقد اشتق منه : تفرعن الرجل، إذا تجبر وعتا، واسمه الوليد بن مصعب، قاله ابن إسحاق، وأكثر المفسرين، أو فنطوس، قاله مقاتل، أو مصعب بن الريان، حكاه ابن جرير، أو مغيث، ذكره بعض المفسرين، أو قابوس، وكنيته أبو مرة، وهو من بني عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح. وروي أنه من أهل إصطخر، ورد إلى مصر فصار بها ملكا، لا يعرف لفرعون تفسير بالعربية، قاله المسعودي. وقال ابن وهب : فرعون موسى هو فرعون يوسف، قالوا : وهذا غير صحيح، لأن بين دخول يوسف مصر ودخول موسى أكثر من أربعمائة سنة. والصحيح أنه غيره. وقيل : كان اسم فرعون يوسف الريان بن الوليد.
يَسُومُونَكُمْ : يحتمل أن تكون هذه الجملة مستأنفة، وهي حكاية حال ماضية، ويحتمل أن تكون في موضع الحال : أي سائميكم، وهي حال من آل فرعون. وسُوءَ الْعَذابِ : أشقه وأصعبه وانتصابه، مبني على المراد بيسومونكم، وفيه للمفسرين أقوال :
السوم : بمعنى التكليف أو الإبلاء، فيكون سوء العذاب على هذا القول مفعولا ثانيا لسام، أي يكلفونكم، أو يولونكم سوء العذاب، أو بمعنى : الإرسال، أو الإدامة، أو التصريف، أي : يرسلونكم، أو يديمونكم، أو يصرفونكم في الأعمال الشاقة، أو بمعنى الرفع، أي يرفعونكم إلى سوء العذاب، أو الوسم، أي : يعلمونكم من العلامة، ومعناه : أن الأعمال الشاقة لكثرة مزاولتها تصير عليهم علامة بتأثيرها في جلودهم وملابسهم، كالحدادة والنجارة، وغير ذلك يكون وسما لهم، والتقدير : يعلمونكم بسوء العذاب. وضعف هذا القول من جهة الاشتقاق، لأنه لو كان كذلك لكان يسمونكم، وهذا التضعيف ضعيف لأنّه لم يقل إنه مأخوذ من الوسم، وإنما معناه معنى الوسم، وهو من السيمياء، والسيماء مسوّمين في أحد تفاسيره بمعنى العلامة، وأصول هذا سين وواو وميم، وهي أصول يسومونكم، ويكون فعل المجرد بمعنى فعل، وهو مع الوسم مما اتفق معناه واختلفت أصوله : كدمث، ودمثر، وسبط، وسبطر، أو بمعنى الطلب بالزيادة من السوم في البيع، أي : يطلبونكم بازدياد الأعمال الشاقة.


الصفحة التالية
Icon