البحر المحيط، ج ١، ص : ٣١٧
التأنيث وحدها تمنع الصرف في المعرفة والنكرة. الأربعون : ليس بجمع سلامة، بل هو من قبيل المفرد الذي هو اسم جمع، ومدلوله معروف، وقد أعرب إعراب الجمع المذكر السالم.
الليلة : مدلولها معروف، وتكسر شاذا على فعالى، فيقال : الليالي، ونظيره : الكيكة والكياكي، كأنه جمع ليلاه وكيكاه، وأهل والأهالي. وقد شذوا في التصغير كما شذوا في التكسير، قالوا : لييله. الاتخاذ : افتعال من الأخذ، وكان القياس أن لا تبدل الهمزة إلا ياء، فتقول : ايتخذ كهمزة إيمان إذ أصله : إئمان، وكقولهم : ائتزر : افتعل من الإزار، فمتى كانت فاء الكلمة واوا أو ياء، وبنيت افتعل منها، فاللغة الفصحى إبدالها تاء وإدغامها في تاء الافتعال، فتقول : اتصل واتسر من الوصل واليسر، فإن كانت فاء الكلمة همزة، وبنيت افتعل، أبدلت تلك الهمزة ياء وأقررتها. هذا هو القياس، وقد تبدل هذه الياء تاء فتدغم، قالوا : اتمن، وأصله : ائتمن. وعلى هذا جاء : اتخذ. ومما علق بذهني من فوائد الشيخ الإمام بهاء الدين أبي عبد اللّه محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الحلبي، عرف بابن النحاس، رحمه اللّه، وهو كان المشتهر بعلم النحو في ديار مصر : أن اتخذ مما أبدل فيه الواو تاء على اللغة الفصحى، لأن فيه لغة أنه يقال : وخذ بالواو، فجاء هذا على الأصل في البدل، وإن كان مبنيا على اللغة القليلة، وهذا أحسن، لأنهم نصوا على أن اتمن لغة رديئة، وكان رحمه اللّه يغرب بنقل هذه اللغة. وقد خرج الفارسي مسألة اتخذ على أن التاء الأولى أصلية، إذ قلت : قالت العرب تخذ بكسر الخاء، بمعنى : أخذ، قال : تعالى :
لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً «١»، في قراءة من قرأ كذلك، وأنشد الفارسي، رحمه اللّه :
وقد تخذت رجلي إلى جنب غرزها نسيفا كأفحوص القطاة المطوّق
فعلى قوله : التاء أصل، وبنيت منه افتعل، فقلت : اتخذ، كما تقول : اتبع، مبنيا من تبع، وقد نازع أبو القاسم الزجاجي في تخذ، فزعم أن أصله : اتخذ، وحذف كما حذف اتقى، فقالوا : تقى، واستدل على ذلك بقولهم : تخذ بفتح التاء مخففة، كما قالوا : يتقى ويتسع بحذف التاء التي هي بدل من فاء الكلمة. ورد السيرافي هذا القول وقال : لو كان محذوفا منه ما كسرت الخاء، بل كانت تكون مفتوحة، كقاف تقى، وأما يتخذ فمحذوف مثل : يتسع، حذف من المضارع دون الماضي، وتخذ بناء أصلي، انتهى. وما ذهب إليه
(١) سورة الكهف : ١٨/ ٧٧.