البحر المحيط، ج ١، ص : ٥١٩
عليه، لأن ما كان ديدنا للشخص وخلقا، لا ينبغي أن يحتفل بأمره. وقرأ أبو السمال العدوي وغيره : أو كلما بسكون الواو، وخرّج ذلك الزمخشري على أن يكون للعطف على الفاسقين، وقدّره : وما يكفر بها إلا الذين فسقوا، أو نقضوا عهد اللّه مرارا كثيرة. وخرجه المهدوي وغيره على أن أو للخروج من كلام إلى غيره، بمنزلة أم المنقطعة، فكأنه قال : بل كلما عاهدوا عهدا، كقول الرجل للرجل، لأعاقبنك، فيقول له : أو يحسن اللّه رأيك، أي بل يحسن اللّه رأيك، وهذا التخريج هو على رأي الكوفيين، إذ يكون أو عندهم بمنزلة بل.
وأنشدوا شاهدا على هذه الدعوى قول الشاعر :
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها أو أنت في العين أملح
وقد جاءت أو بمعنى الواو في قوله :
من بين ملجم مهره أو سافع وقوله :
صدور رماح أشرعت أو سلاسل يريد : وشافع وسلاسل.
وقد قيل في ذلك : في قوله خطيئة، أو إثما، أن المعنى : وإثما فيحتمل أن تخرّج هذه القراءة الشاذة على أن تكون أو بمعنى الواو، كأنه قيل : وكلما عاهدوا عهدا. وقرأ الحسن وأبو رجاء : أو كلما عوهدوا على البناء للمفعول، وهي قراءة تخالف رسم المصحف. وانتصاب عهدا على أنه مصدر على غير الصدر، أي معاهدة، أو على أنه مفعول على تضمين عاهد معنى : أعطى، أي أعطوا عهدا. وقرىء : عهدوا، فيكون عهدا مصدرا، وقد تقدم. ما المراد بالعهد في سبب النزول، فأغنى عن إعادته. نَبَذَهُ :
طرحه، أو نقضه، أو ترك العمل به، أو اعتزله، أو رماه. أقوال خمسة، وهي متقاربة المعنى. ونسبة النبذ إلى العهد مجاز، لأن العهد معنى، والنبذ حقيقة، إنما هو في المتجسدات : فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ «١»، إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا
«٢»، فنبذ خاتمه، فنبذ الناس خواتيمهم، لَنُبِذَ بِالْعَراءِ «٣».
فَرِيقٌ مِنْهُمْ : الفريق اسم جنس لا واحد له، يقع على القليل والكثير. وقرأ

_
(١) سورة القصص : ٢٨/ ٤٠.
(٢) سورة مريم : ١٩/ ١٦. [.....]
(٣) سورة القلم : ٦٨/ ٤٩.


الصفحة التالية
Icon