البحر المحيط، ج ١، ص : ٥٥
وكره الحسن أن يقال لها أم الكتاب، وكره ابن سيرين أن يقال لها أم القرآن، وجوزه الجمهور. والإجماع على أنها سبع آيات إلا ما شذ فيه من لا يعتبر خلافه. عدّ الجمهور المكيون والكوفيون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية، ولم يعدوا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وسائر العادين، ومنهم كثير من قراء مكة والكوفة لم يعدوها آية، وعدوا صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آية، وشذ عمرو بن عبيد، فجعل آية إِيَّاكَ نَعْبُدُ، فهي على عده ثمان آيات، وشذ حسين الجعفي، فزعم أنها ست آيات. قال ابن عطية : وقول اللّه تعالى : وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي «١»
هو الفصل في ذلك. ولم يختلفوا في أن البسملة في أول كل سورة ليست آية، وشذ ابن المبارك فقال : إنها آية في كل سورة، ولا أدري ما الملحوظ في مقدار الآية حتى نعرف الآية من غير الآية.
وذكر المفسرون عدد حروف الفاتحة، وذكروا سبب نزولها ما لا يعد سبب نزول.
وذكروا أحاديث في فضل بسم اللّه الرحمن الرحيم، اللّه أعلم بها، وذكروا للتسمية أيضا نزول ما لا يعد سببا، وذكروا أن الفاتحة تسمى الحمد، وفاتحة الكتاب، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والواقية، والكافية، والشفاء، والشافية، والرقية، والكنز، والأساس، والنور، وسورة الصلاة، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض. وذكروا أن ما ورد من الأحاديث في فضل الفاتحة، والكلام على هذا كله من باب التذييلات، لا أن ذلك من علم التفسير إلا ما كان من تعيين مبهم أو سبب نزول أو نسخ بما صح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذلك يضطر إليه علم التفسير. وكذلك تكلموا على آمين ولغاتها، والاختلاف في مدلولها، وحكمها في الصلاة، وليست من القرآن، فلذلك أضربنا عن الكلام عليها صفحا، كما تركنا الكلام على الاستعاذة في أول الكتاب، وقد أطال المفسرون كتبهم بأشياء خارجة عن علم التفسير حذفناها من كتابنا هذا، إذا كان مقصودنا ما أشرنا إليه في الخطبة، واللّه تعالى أعلم.
(١) سورة الحجر : ١٥/ ٨٥.