البحر المحيط، ج ١، ص : ٦٠١
وقوله : ربنا تقبل منا، قاله ابن جبير. الثامن : هو قوله تعالى : وَحاجَّهُ قَوْمُهُ «١»، قاله يمان. التاسع : هي قوله : الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ «٢» الآيات، قاله أبو روق. العاشر :
هي ما ابتلاه به في ماله وولده ونفسه، فسلم ماله للضيفان، وولده للقربان، ونفسه للنيران، وقلبه للرحمن، فاتخذه اللّه خليلا. الحادي عشر : هو أن اللّه أوحى إليه أن تطهر فتمضمض، ثم أن تطهر فاستنشق، ثم أن تطهر فاستاك، ثم أن تطهر فأخذ من شاربه، ثم أن تطهر ففرق شعره، ثم أن تطهر فاستنجى، ثم أن تطهر فحلق عانته، ثم أن تطهر فنتف إبطه، ثم أن تطهر فقلم أظفاره، ثم أن تطهر فأقبل على جسده ينظر ماذا يصنع، فاختتن بعد عشرين ومائة سنة. وفي البخاري، أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم، وأوحى اللّه إليه إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً «٣»، يأتمون بك في هذه الخصال ويقتدي بك الصالحون. فإن صحت تلك الرواية، فالتأويل أنه اختتن بعد عشرين ومائة سنة من ميلاده، وابن ثمانين سنة من وقت نبوته، فيتفق التاريخان، واللّه أعلم. الثاني عشر : هي عشرة : شهادة أن لا إله إلا اللّه، وهي الملة والصلاة، وهي الفطرة والزكاة، وهي الطهرة والصوم، وهو الجنة والحج، وهو الشعيرة والغزو، وهو النصرة والطاعة، وهي العصمة والجماعة، وهي الألفة والأمر بالمعروف، وهو الوفاء والنهي عن المنكر، وهو الحجة. الثالث عشر : هي : تجعلني إماما، وتجعل البيت مثابة وأمنا، وترينا مناسكنا، وتتوب علينا، وهذا البلد آمنا، وترزق أهله من الثمرات. فأجابه اللّه في ذلك بما سأله، وهذا معنى قول مجاهد والضحاك.
وهذه الأقوال ينبغي أن تحمل على أن كل قائل منها ذكر طائفة مما ابتلى اللّه به إبراهيم، إذ كلها ابتلاه بها، ولا يحمل ذلك على الحصر في العدد، ولا على التعيين، لئلا يؤدي ذلك إلى التناقض. وهذه الأشياء التي فسر بها الكلمات، إن كانت أقوالا، فذلك ظاهر في تسميتها كلمات، وإن كانت أفعالا، فيكون إطلاق الكلمات عليها مجازا، لأن التكاليف الفعلية صدرت عن الأوامر، والأوامر كلمات. سميت الذات كلمة لبروزها عن كلمة كن. قال تعالى : وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ «٤». وقد تكلم بعض المفسرين في أحكام ما شرحت به الكلمات من : المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، وإعفاء اللحية، والفرق، والسدل، والسواك، ونتف الإبط، وحلق العانة، وتقليم الأظفار،
(١) سورة الأنعام : ٦/ ٨٠.
(٢) سورة الشعراء : ٢٦/ ٧٨.
(٣) سورة البقرة : ٢/ ١٢٤.
(٤) سورة النساء : ٤/ ١٧١.