البحر المحيط، ج ١، ص : ٦٤٩
أن المنزل إلينا هو المنزل إلى ابراهيم، قالوا : ولم ينزل إلى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وعطفوا على إبراهيم، لأنهم كلفوا العمل به والدعاء إليه، فأضيف الإنزال إليهم، كما أضيف في قوله : وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا. والأسباط هم أولاد يعقوب، وهم اثنا عشر سبطا. قال الشريف أبو البركات الجوّاني النسابة : وولد يعقوب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : يوسف النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، صاحب مصر وعزيزها، وهو السبط الأول من أسباط يعقوب عليه السلام الاثني عشر، والأسباط سوى يوسف : كاذ، وبنيامين، ويهوذا، ويفتالي، وزبولون، وشمعون، وروبين، ويساخا، ولاوي، وذان، وياشيرخا من يهوذا بن يعقوب، وسليمان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم. وجاء من سليمان عليه السلام النبي : مريم ابنة عمران، أمّ المسيح عليهما السلام. وجاء من لاوي بن يعقوب : موسى كليم اللّه وهارون أخوه عليهما السلام. انتهى كلامه. وقال ابن عطية : والأسباط هم ولد يعقوب. وهم : روبيل، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، ورفالون، وبشجر، وذينة بنته، وأمّهم لياثم. خلف على أختها راحيل، فولدت له :
يوسف، وبنيامين. وولد له من سريتين : داني، ونفتالي، وجاد، وآشر. انتهى كلامه، وهو مخالف لكلام الجواني في بعض الأسماء. وقيل : روبيل أكبر ولده. وقال الحسين بن أحمد بن عبد الرحيم البيساني : روبيل أصح وأثبت، يعني باللام، قال : وقبره في قرافة مصر، في لحف الجبل، في تربة أليسع عليهما السلام.
وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى : أي : وآمنا بالذي أوتي موسى من التوراة والآيات، وعيسى من الإنجيل والآيات. وموسى هنا : هو موسى بن عمران، كليم اللّه. وقال الحسين بن أحمد البيساني : وفي ولد ميشا بن يوسف، يعني الصديق : موسى بن ميشا بن يوسف. وزعم أهل التوراة أن اللّه نبأه، وأنه صاحب الخضر. وذكر المؤرّخون أنه لما مات يعقوب، فشا في الأسباط الكهانة، فبعث اللّه موسى بن ميشا يدعوهم إلى عبادة اللّه، وهو قبل موسى بن عمران بمائة سنة، واللّه أعلم بصحة ذلك. انتهى كلامه، ونص على موسى وعيسى، لأنهما متبوعا اليهود والنصارى بزعمهم، والكلام معهم، ولم يكرر الموصول في عيسى، لأن عيسى إنما جاء مصدقا لما في التوراة، لم ينسخ منها إلا نزرا يسيرا. فالذي أوتيه عيسى هو ما أوتيه موسى، وإن كان قد خالف في نزر يسير. وجاء : وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا، وجاء : وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى، تنويعا في الكلام وتصرفا في ألفاظه، وإن كان المعنى واحدا، إذ لو كان كله بلفظ الإيتاء، أو بلفظ الإنزال، لما كان فيه حلاوة التنوع في الألفاظ. ألا تراهم لم يستحسنوا قول أبي الطيب :


الصفحة التالية
Icon