البحر المحيط، ج ١، ص : ٩
[خطبة الكتاب ]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة، البحر الفهامة، المحقق المدقق، حجة البلغاء، وقدوة النحاة والأدباء، الأستاذ أبو عبد اللّه محمد بن يوسف بن علي بن حيان الأندلسي الجياني، رحمه اللّه تعالى، وأمتع بعلومه المسلمين آمين.الحمد للّه، مبدىء صور المعارف الربانية في مرايا العقول، ومبرزها من محال الأفكار إلى محال المقول، وحارسها بالقوتين الذاكرة للمنقول، والمفكرة للمعقول، ومفيض الخير عليها من نتيجة مقدمات الوجود، السائر روح قدسه في بطون التهائم وظهور النجود، المبرز في الاتصالات الإلهية والمواهب الربانية على كل موجود، محمد ذي المقام المحمود، والحوض المورود، المبتعث بالحق الأبهج للأنام داعيا، وبالطريق الأنهج إلى دار الإسلام مناديا، الصادع بالحق، الهادي للخلق، المخصوص بالقرآن المبين، والكتاب المستبين، الذي هو أعظم المعجزات، وأكبر الآيات البينات، السائرة في الآفاق، الباقي بقاء الأطواق في الأعناق، الجديد على تقادم الأعصار، اللذيذ على توالي التكرار، الباسق في الإعجاز إلى الذروة العليا، الجامع لمصالح الآخرة والدنيا، الجالي بأنواره ظلم الإلحاد، الحالي بجواهر معانيه طلي الأجياد، صلى اللّه على من أنزل عليه، وأهدى أرج تحية وأزكاها إليه، وعلى آله المختصين بالزلفى لديه، ورضي اللّه عن صحبه الذين نقلوا عنه كتاب اللّه أداء وعرضا، وتلقوه من فيه جنيا وغضا، وأدوه إلينا صريحا محضا.
وبعد، فإن المعارف جمة، وهي كلها مهمة، وأهمها ما به الحياة الأبدية، والسعادة السرمدية، وذلك علم كتاب اللّه هو المقصود بالذات، وغيره من العلوم له كالأدوات، هو