البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٢٧
والأعمش وأبو حيوة ورويس : فلا تنتجوا مضارع انتجى والجمهور : بضم عين العدوان وأبو حيوة بكسرها حيث وقع والضحاك : ومعصيات الرسول على الجمع. والجمهور :
على الإفراد. وقرأ عبد اللّه : إذا انتجيتم فلا تنتجوا. وأل في إِنَّمَا النَّجْوى للعهد في نجوى الكفار بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ، وكونها مِنَ الشَّيْطانِ، لأنه هو الذي يزينها لهم، فكأنها منه.
لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا : كانوا يوهمون المؤمنين أن غزاتهم غلبوا وأن أقاربهم قتلوا.
وَلَيْسَ : أي التناجي أو الشيطان أو الحزن، بِضارِّهِمْ : أي المؤمنين، إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ : أي بمشيئته، فيقضي بالقتل أو الغلبة. وقال ابن زيد : هي نجوى قوم من المسلمين يقصدون مناجاة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وليس لهم حاجة ولا ضرورة. يريدون التبجح بذلك، فيظن المسلمون أن ذلك في أخبار بعد وقاصدا نحوه. وقال عطية العوفي : نزلت في المناجاة التي يراها المؤمن في النوم تسوءه، فكأنه نجوى يناجي بها. انتهى. ولا يناسب هذا القول ما قبل الآية ولا ما بعدها، وتقدمت القراءتان في نحو : لِيَحْزُنَ. وقرىء : بفتح الياء والزاي، فيكون الَّذِينَ فاعلا، وفي القراءتين مفعولا.
ولما نهى تعالى المؤمنين عن ما هو سبب للتباغض والتنافر، أمرهم بما هو سبب للتواد والتقارب، فقال : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية.
قال مجاهد وقتادة والضحاك : كانوا يتنافسون في مجلس الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض.
وقال ابن عباس :
المراد مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب. وقال الحسن ويزيد بن أبي حبيب : كان الصحابة يتشاحون على الصف الأول، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة، فنزلت.
وقرأ الجمهور : تَفَسَّحُوا وداود بن أبي هند وقتادة وعيسى : تفاسحوا. والجمهور : في المجلس وعاصم وقتادة وعيسى : فِي الْمَجالِسِ. وقرىء : في المجلس بفتح اللام، وهو الجلوس، أي توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه. والظاهر أن الحكم مطرد في المجالس التي للطاعات، وإن كان السبب مجلس الرسول. وقيل : الآية مخصوصة بمجلس الرسول عليه الصلاة والسلام، وكذا مجالس العلم ويؤيده قراءة من قرأ فِي الْمَجالِسِ، ويتأول الجمع على أن لكل أحد مجلسا في بيت الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم. وانجزم يَفْسَحِ اللَّهُ على جواب الأمر في رحمته، أو في منازلكم في الجنة، أو في قبوركم، أو في قلوبكم، أو في الدنيا والآخرة، أقوال.
وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا : أي انهضوا في المجلس للتفسح، لأن مريد التوسعة على


الصفحة التالية
Icon