البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٤١
لبني النضير، ولم يحبس من هذه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لنفسه شيئا، بل أمضاها لغيره، وذلك أنها في ذلك الوقت فتحت. انتهى. وقيل : إن الآية الأولى خاصة في بني النضير، وهذه الآية عامة. وقرأ الجمهور : كَيْ لا يَكُونَ بالياء وعبد اللّه وأبو جعفر وهشام : بالتاء.
والجمهور : دُولَةً بضم الدال ونصب التاء وأبو جعفر وأبو حيوة وهشام : بضمها وعلي والسلمي : بفتحها. قال عيسى بن عمر : هما بمعنى واحد. وقال الكسائي وحذاق البصرة :
الفتح في الملك بضم الميم لأنها الفعلة في الدهر، والضم في الملك بكسر الميم.
والضمير في تكون بالتأنيث عائد على معنى ما، إذ المراد به الأموال والمغانم، وذلك الضمير هو اسم يَكُونَ. وكذلك من قرأ بالياء، أعاد الضمير على لفظ ما، أي يكون الفيء، وانتصب دولة على الخبر. ومن رفع دولة فتكون تامة، ودولة فاعل، وكيلا يكون تعليل لقوله : فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، أي فالفيء وحكمه للّه وللرسول، يقسمه على ما أمره اللّه تعالى، كي لا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى للفقراء بلغة يعيشون بها متداولا بين الأغنياء يتكاثرون به، أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم، كما كان رؤساؤهم يستأثرون بالغنائم ويقولون : من عز بزّ، والمعنى : كي لا يكون أخذه غلبة وأثرة جاهلية.
وروي أن قوما من الأنصار تكلموا في هذه القرى المفتتحة وقالوا : لنا منها سهمنا، فنزل
: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وعن الكلبي : أن رؤوسا من المسلمين قالوا له : يا رسول اللّه، خذ صفيك والربع ودعنا والباقي، فهكذا كنا نفعل في الجاهلية، فنزل :
وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ الآية، وهذا عام يدخل فيه قسمة ما أفاء اللّه والغنائم وغيرها حتى أنه قد استدل بهذا العموم على تحريم الخمر، وحكم الواشمة والمستوشمة، وتحريم المخيط للمحرم.
ومن غريب الحكايات في الاستنباط : أن الشافعي، رحمه اللّه تعالى، قال : سلوني عما شئتم أخبركم به من كتاب اللّه تعالى وسنة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال له عبد اللّه بن محمد بن هارون : ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال : قال اللّه تعالى : وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وحدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة بن اليمان، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
وحدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب، أنه أمر بقتل الزنبور. انتهى. ويعني في