البحر المحيط، ج ١٠، ص : ١٧٥
في ذلك. فقال ابن عمرو وأبو هريرة وأنس والزهري : ستة أميال. وقيل : خمسة. وقال ربيعة : أربعة أميال. وروي ذلك عن الزهري وابن المنكدر. وقال مالك والليث : ثلاثة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : على من في المصر، سمع النداء أو لم يسمع، لا على من هو خارج المصر، وإن سمع النداء. وعن ابن عمر وابن المسيب والزهري وأحمد وإسحاق :
على من سمع النداء. وعن ربيعة : على من إذا سمع النداء وخرج من بيته ماشيا أدرك الصلاة. وقرأ كبراء من الصحابة والتابعين : فامضوا بدل فَاسْعَوْا، وينبغي أن يحمل على التفسير من حيث أنه لا يراد بالسعي هنا الإسراع في المشي، ففسروه بالمضي، ولا يكون قرآنا لمخالفته سواد ما أجمع عليه المسلمون.
وذكر اللّه هنا الخطبة، قاله ابن المسيب، وهي شرط في انعقاد الجمعة عند الجمهور. وقال الحسن : هي مستحبة، والظاهر أنه يجزىء من ذكر اللّه تعالى ما يسمى ذكرا. قال أبو حنيفة : لو قال الحمد للّه أو سبحان اللّه واقتصر عليه جاز، وقال غيره : لا بد من كلام يسمى خطبة، وهو قول الشافعي وأبي سفيان ومحمد بن الحسن، والظاهر تحريم البيع، وأنه لا يصح. وقال ابن العربي : يفسخ، وهو الصحيح. وقال الشافعي : ينعقد ولا يفسخ، وكلما يشغل من العقود كلها فهو حرام شرعا، مفسوخ ورعا. انتهى. وإنما ذكر البيع من بين سائر المحرمات، لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق، إذ يكثر الوافدون الأمصار من القرى ويجتمعون للتجارة إذا تعالى النهار، فأمروا بالبدار إلى تجارة الآخرة، ونهوا عن تجارة الدنيا، ووقت التحريم من الزوال إلى الفراغ من الصلاة، قاله الضحاك والحسن وعطاء. وقال ناس غيرهم : من وقت أذان الخطبة إلى الفراغ، والإشارة بذلكم إلى السعي وترك البيع، والأمر بالانتشار والابتغاء أمر إباحة، وفضل اللّه هو ما يلبسه في حالة حسنة، كعيادة المريض، وصلة صديق، واتباع جنازة، وأخذ في بيع وشراء، وتصرفات دينية ودنيوية فأمر مع ذلك بإكثار ذكر اللّه. وقال مكحول والحسن وابن المسيب : الفضل :
المأمور بابتغائه هو العلم. وقال جعفر الصادق : ينبغي أن يكون فجر صبح يوم السبت، ويعني أن يكون بقية يوم الجمعة في عبادة.
وروي أنه كان أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بعير تحمل ميرة.
قال مجاهد : وكان من عرفهم أن يدخل بالطبل والمعازف من درابها، فدخلت بها، فانفضوا إلى رؤية ذلك وسماعه، وتركوه صلّى اللّه عليه وسلّم قائما على المنبر في اثني عشر رجلا.
قال جابر : أنا أحدهم. قال أبو بكر غالب بن عطية : هم العشرة المشهود لهم بالجنة، والحادي عشر


الصفحة التالية
Icon