البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٠٢
الخروج. وقيل : هذه المضارة مراجعتها إذا بقي من عدتها قليل، ثم يطلقها فيطول حبسها في عدته الثانية. وقيل : إلجاؤها إلى أن تفتدي منه.
وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ : لا خلاف في وجوب سكناها ونفقتها، بتت أو لم تبت.
فإن كانت متوفى عنها، فأكثر العلماء على أنها لا نفقة لها وعن علي وابن مسعود : تجب نفقتها في التركة.
فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ : أي ولدن وأرضعن المولود وجب لها النفقة، وهي الأجر والكسوة وسائر المؤن على ما قرر في كتب الفقه، ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه الاستئجار إذا كان الولد بينهن ما لم يبن، ويجوز عند الشافعي. وفي تعميم المطلقات بالسكنى، وتخصيص أولات الأحمال بالنفقة دليل على أن غيرها من المطلقات لا يشاركها في النفقة، وتشاركهن في السكنى. وَأْتَمِرُوا : افتعلوا من الأمر، يقال : ائتمر القوم وتأمروا، إذا أمر بعضهم بعضا والخطاب للآباء والأمهات، أي وليأمر بعضكم بعضا بِمَعْرُوفٍ : أي في الأجرة والإرضاع، والمعروف : الجميل بأن تسامح الأم، ولا يماكس الأب لأنه ولدهما معا، وهما شريكان فيه، وفي وجوب الإشفاق عليه. وقال الكسائي : وَأْتَمِرُوا : تشاوروا، ومنه قوله تعالى : إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ «١»، وقول امرئ القيس :
ويعدو على المرء ما يأتمر وقيل : المعروف : الكسوة والدثار. وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ : أي تضايقتم وتشاكستم، فلم ترض إلا بما ترضى به الأجنبية، وأبي الزوج الزيادة، أو إن أبى الزوج الإرضاع إلا مجانا، وأبت هي إلا بعوض، فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى : أي يستأجر غيرها، وليس له إكراهها. فإن لم يقبل إلا ثدي أمه، أجبرت على الإرضاع بأجرة مثلها، ولا يختص هذا الحكم من وجوب أجرة الرضاع بالمطلقة، بل المنكوحة في معناها. وقيل : فسترضع خبر في معنى الأمر، أي فلترضع له أخرى. وفي قوله : فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى يسير معاتبة للأم إذا تعاسرت، كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى : سيقضيها غيرك، تريد : لن تبقى غير مقضية وأنت ملوم. والضمير في له عائد على الأب، كما تعدى في قوله : فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ : أي للأزواج.
لِيُنْفِقْ الموسر والمقدور عليه ما بلغه وسعه، أي على المطلقات والمرضعات،