البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٠٥
بعضهم أن هذا ليس كما ذكروا، لأن الضمير في خالِدِينَ ليس عائدا على من، بخلاف الضمير في يُؤْمِنْ، وَيَعْمَلْ، ويُدْخِلْهُ، وإنما هو عائد على مفعول يُدْخِلْهُ، وخالِدِينَ حال منه، والعامل فيها يُدْخِلْهُ لا فعل الشرط.
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ : لا خلاف أن السموات سبع بنص القرآن والحديث، كما جاء في حديث الإسراء، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لسعد :«حكمت بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة»
، وغيره من نصوص الشريعة. وقرأ الجمهور : مِثْلَهُنَّ بالنصب والمفضل عن عاصم، وعصمة عن أبي بكر : مثلهن بالرفع فالنصب، قال الزمخشري :
عطفا على سَبْعَ سَماواتٍ. انتهى، وفيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف، وهو الواو، والمعطوف وهو مختص بالضرورة عند أبي عليّ الفارسي، وأضمر بعضهم العامل بعد الواو لدلالة ما قبله عليه، أي وخلق من الأرض مثلهن، فمثلهن مفعول للفعل المضمر لا معطوف، وصار ذلك من عطف الجمل والرفع على الابتداء، وَمِنَ الْأَرْضِ الخبر، والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف. فقال الجمهور : المثلية في العدد :
أي مثلهن في كونها سبع أرضين. وفي الحديث :«طوقه من سبع أرضين»
، ورب الأرضين السبع وما أقللن»، فقيل : سبع طباق من غير فتوق. وقيل : بين كل طبقة وطبقة مسافة.
قيل : وفيها سكان من خلق اللّه. قيل : ملائكة وجن. وعن ابن عباس، من رواية الواقدي الكذاب، قال : في كل أرض آدم كآدم، ونوح كنوح، ونبي كنبيكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيسى، وهذا حديث لا شك في وضعه. وقال أبو صالح : إنها سبع أرضين منبسطة، ليس بعضها فوق بعض، تفرق بينها البحار، وتظل جميعها السماء.
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ : من السموات السبع إلى الأرضين السبع. وقال مقاتل وغيره :
الأمر هنا الوحي، فبينهن إشارة إلى بين هذه الأرض التي هي أدناها وبين السماء السابعة.
وقال الأكثرون : الأمر : القضاء، فبينهن إشارة إلى بين الأرض السفلى التي هي أقصاها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها. وقيل : يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ بحياة وموت وغنى وفقر. وقيل : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبير. وقرأ الجمهور : يَتَنَزَّلُ مضارع تنزل.
وقرأ عيسى وأبو عمرو، في رواية : ينزل مضارع نزل مشدّدا، الأمر بالنصب والجمهور :
لِتَعْلَمُوا بتاء الخطاب. وقرىء : بياء الغيبة، واللّه تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon