البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٢٢
فقال : فَارْجِعِ، ففي الفاء معنى التسبب، والمعنى : أن العيان يطابق الخبر.
والفطور، قال مجاهد : الشقوق، فطر ناب البعير : شق اللحم وظهر، قال الشاعر :
بنى لكم بلا عمد سماء وسوّاها فما فيها فطور
وقال أبو عبيدة : صدوع، وأنشد قول عبيد بن مسعود :
شققت القلب ثم رددت فيه هواك فليط فالتأم الفطور
وقال السدي : خروق. وقال قتادة : خلل، ومنه التفطير والانفطار. وقال ابن عباس :
وهن وهذه تفاسير متقاربة، والجملة من قوله : هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ في موضع نصب بفعل معلق محذوف، أي فانظر هل ترى، أو ضمن معنى فَارْجِعِ الْبَصَرَ معنى فانظر ببصرك هل ترى؟ فيكون معلقا. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ : أي ردده كرتين هي تثنية لا شفع الواحد، بل يراد بها التكرار، كأنه قال : كرة بعد كرة، أي كرات كثيرة، كقوله : لبيك، يريد إجابات كثيرة بعضها في إثر بعض، وأريد بالتثنية التكثير، كما أريد بما هو أصل لها التكثير، وهو مفرد عطف على مفرد، نحو قوله :
لو عدّ قبر وقبر كان أكرمهم بيتا وأبعدهم عن منزل الزام
يريد : لو عدّت قبور كثيرة. وقال ابن عطية وغيره : كَرَّتَيْنِ معناه مرتين ونصبها على المصدر. وقيل : أمر برجع البصر إلى السماء مرتين، غلط في الأولى، فيستدرك بالثانية. وقيل : الأولى ليرى حسنها واستواءها، والثانية ليبصر كواكبها في سيرها وانتهائها.
وقرأ الجمهور : يَنْقَلِبْ جزما على جواب الأمر والخوارزمي عن الكسائي : يرفع الباء، أي فينقلب على حذف الفاء، أو على أنه موضع حال مقدرة، أي إن رجعت البصر وكررت النظر لتطلب فطور شقوق أو خللا أو عيبا، رجع إليك مبعدا عما طلبته لانتفاء ذلك عنها، وهو كالّ من كثرة النظر، وكلاله يدل على أن المراد بالكرتين ليس شفع الواحد، لأنه لا يكل البصر بالنظر مرتين اثنتين. والحسير : الكال، قال الشاعر :
لهن الوجى لم كر عونا على النوى ولا زال منها ظالع وحسير
يقال : حسر بعيره يحسر حسورا : أي كلّ وانقطع فهو حسير ومحسور، قال الشاعر يصف ناقة :
فشطرها نظر العينين محسور


الصفحة التالية
Icon