البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٣٩
ولده ولا ولد ولده»
، وبعد ذلك نظير ثم في قوله : ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا «١». وقرأ الحسن : عتل رفعا على الذم، وهذه القراءة تقوية لما يدل عليه بعد ذلك. انتهى. وقال ابن عطية : بَعْدَ ذلِكَ : أي بعد أن وصفناه به، فهذا الترتيب إنما هو في قول الواصف لا في حصول تلك الصفات في الموصوف، وإلا فكونه عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه.
انتهى. والزنيم : الملصق في القوم وليس منهم، قاله ابن عباس وغيره. وقيل : الزنيم :
المريب القبيح الأفعال، وعن ابن عباس أيضا : الزنيم : الذي له زنمة في عنقه كزنمة الشاة، وما كنا نعرف المشار إليه حتى نزلت فعرفناه بزنمته. انتهى. وروي أن الأخفش بن شريف كان بهذه الصفة، كان له زنمة. وروى ابن جبير عن ابن عباس أن الزنيم هو الذي يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بالزنمة. وعنه أيضا : أنه المعروف بالابنة. وعنه أيضا : أنه الظلوم. وعن عكرمة : هو اللئيم. وعن مجاهد وعكرمة وابن المسيب : أنه ولد الزنا الملحق في النسب بالقوم، وكان الوليد دعيا في قريش ليس من منحهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده. وقال مجاهد : كانت له ستة أصابع في يده، في كل إبهام أصبع زائدة، والذي يظهر أن هذه الأوصاف ليست لمعين. ألا ترى إلى قوله : كُلَّ حَلَّافٍ، وقوله : إِنَّا بَلَوْناهُمْ؟ فإنما وقع النهي عن طواعية من هو بهذه الصفات.
قال ابن عطية ما ملخصه، قرأ النحويان والحرميان وحفص وأهل المدينة : أَنْ كانَ على الخبر وباقي السبعة والحسن وابن أبي إسحاق وأبو جعفر : على الاستفهام وحقق الهمزتين حمزة، وسهل الثانية باقيهم. فأما على الخبر، فقال أبو علي الفارسي :
يجوز أن يعمل فيها عتل وأن كان قد وصف. انتهى، وهذا قول كوفي، ولا يجوز ذلك عند البصريين. وقيل : زَنِيمٍ لا سيما على قول من فسره بالقبيح الأفعال. وقال الزمخشري :
متعلق بقوله : وَلا تُطِعْ، يعنى ولا تطعه مع هذه المثالب، أَنْ كانَ ذا مالٍ : أي ليساره وحظه من الدنيا، ويجوز أن يتعلق بما بعده على معنى لكونه متمولا مستظهرا بالبنين، كذب آياتنا ولا يعمل فيه، قال الذي هو جواب إذا، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، ولكن ما دلت عليه الجملة من معنى التكذيب. انتهى. وأما على الاستفهام، فيحتمل أن يفسر عامل يدل عليه ما قبله، أي أيكون طواعية لأن كان؟ وقدره الزمخشري :
أتطيعه لأن كان؟ أو عامل يدل عليه ما قبله، أي أكذب أو جحد لأن كان؟ وقرأ نافع في رواية اليزيدي عنه : إن كان بكسر الهمزة. قال الزمخشري : والشرط للمخاطب، أي

(١) سورة البلد : ٩٠/ ١٧.


الصفحة التالية
Icon