البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٥٠
جانب خبائه فيقول : لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلا ثم تسقط طائفة أو عدة منها. قال الكفار لهذا الرجل أن يصيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، فأجابهم، وأنشد :
قد كان قومك يحسبونك سيدا وأخال أنك سيد معيون
أي : مصاب بالعين، فعصم اللّه نبيه صلّى اللّه عليه وسلم، وأنزل عليه هذه الآية.
قال قتادة : نزلت لدفع العين حين أرادوا أن يعينوه عليه الصلاة والسلام.
وقال الحسن : دواء من أصابته العين أن يقرأ هذه الآية. وقال القشيري : الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان، لا مع الكراهة والبغض، وقال : وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ. وقال القرطبي : ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة له حتى يهلك. انتهى. وقد يكون في المعين، وإن كان مبغضا عند العائن صفة يستحسنها العائن، فيعينه من تلك الصفة، لا سيما من تكون فيه صفات كمال.
لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ : من يقول لما ظرف يكون العامل فيه لَيُزْلِقُونَكَ، وإن كان حرف وجوب لوجوب، وهو الصحيح، كان الجواب محذوفا لدلالة ما قبله عليه، أي لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك، والذكر : القرآن. وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ تنفيرا عنه، وقد علموا أنه صلّى اللّه عليه وسلم أتمهم فضلا وأرجحهم عقلا. وَما هُوَ : أي القرآن، إِلَّا ذِكْرٌ : عظة وعبرة، لِلْعالَمِينَ : أي للجن والإنس، فكيف ينسبون إلى الجن من جاء به؟.