البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٥٦
والنحويان : ومن قبله، بكسر القاف وفتح الباء : أي أجناده وأهل طاعته، وتقول : زيد قبلك : أي فيما يليك من المكان. وكثر استعمال قبلك حتى صار بمنزلة عندك وفي جهتك وما يليك بأي وجه ولى. وقرأ باقي السبعة وأبو جعفر وشيبة والسلمي : وَمَنْ قَبْلَهُ، ظرف زمان : أي الأمم الكافرة التي كانت قبله، كقوم نوح، وقد أشار إلى شيء من حديثه بعد هذا. وَالْمُؤْتَفِكاتُ : قرى قوم لوط. وقرأ الحسن هنا : والمؤتفكة على الإفراد، بِالْخاطِئَةِ : أي بالفعلة أو الفعلات الخاطئة، قاله مجاهد أو بالخطأ، فيكون مصدرا جاء على فاعلة كالعاقبة، قاله الجرجاني.
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ : رسول جنس، وهو من جاءهم من عند اللّه تعالى، كموسى ولوط عليهما السلام. وقيل : لوط عليه السلام، أعاده على أقرب مذكور، وهو رسول المؤتفكات. وقال الكلبي : موسى عليه السلام، أعاده على الأسبق وهو رسول فرعون.
وقيل : رسول بمعنى رسالة، رابِيَةً : أي نامية. قال مجاهد : شديدة، يريد أنها زادت على غيرها من الأخذات، وهي الغرق وقلب المدائن. إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ : أي زاد وعلا على أعلى جبل في الدنيا خمس عشرة ذراعا. قال ابن جبير : طغى على الخزان، كما طغت الريح على خزانها، حَمَلْناكُمْ : أي في أصلاب آبائكم، فِي الْجارِيَةِ : هي سفينة نوح عليه السلام، وكثر استعمال الجارية في السفينة، ومنه قوله تعالى : وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ «١»، وقال الشاعر :
تسعون جارية في بطن جارية وقال المهدوي : المعنى في السفن الجارية يعني أن ذلك هو على سبيل الامتنان، والمحمولون هم المخاطبون. لِنَجْعَلَها
: أي سفينة نوح عليه السلام، لَكُمْ تَذْكِرَةً
بما جرى لقومه الهالكين وقومه الناجين فيها وعظة. قال قتادة : أدركها أوائل هذه الأمة.
وقال ابن جريج : كانت ألواحها على الجودي. وقيل : لنجعل تلك الجملة في سفينة نوح عليه السلام لكم موعظة تذكرون بها نجاة آبائكم وإغراق مكذبي نوح عليه السلام، وَتَعِيَها
: أي تحفظ قصتها، أُذُنٌ
من شأنها أن تعي المواعظ، يقال : وعيت لما حفظ في النفس، وأوعيت لما حفظ في غير النفس من الأوعية. وقال قتادة : الواعية هي التي عقلت عن اللّه وانتفعت بما سمعت من كتاب اللّه وفي الحديث، أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعلي :«إني