البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٠٠
في استقاموا عائد على الخلق كلهم، وأن هي المخففة من الثقيلة. لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً : كناية عن توسعة الرزق لأنه أصل المعاش. وقال بعضهم : المال حيث الماء. وقرأ الجمهور : غَدَقاً بفتح الدال وعاصم في رواية الأعشى : بكسرها ويقال : غدقت العين تغدق غدقا فهي غدقة، إذا كثر ماؤها. لِنَفْتِنَهُمْ : أي لنختبرهم كيف يشكرون ما أنعم عليهم به، أو لنمتحنهم ونستدرجهم، وذلك على الخلاف في من يعود عليه الضمير في اسْتَقامُوا. وقرأ الأعمش وابن وثاب بضم واو لو والجمهور : بكسرها. وقرأ الكوفيون : يَسْلُكْهُ بالياء وباقي السبعة : بالنون وابن جندب : بالنون من أسلك وبعض التابعين : بالياء من أسلك أيضا، وهما لغتان : سلك وأسلك، قال الشاعر :
حتى إذا أسلكوهم في قبائدة وقرأ الجمهور : صَعَداً بفتحتين، وذو مصدر صعد وصف به العذاب، أي يعلو المعذب ويغلبه، وفسر بشاق. يقال : فلان في صعد من أمره، أي في مشقة. وقال عمر : ما يتصعد بي شيء كما يتصعد في خطبة النكاح، أي ما يشق عليّ. وقال أبو سعيد الخدري وابن عباس : صعد : جبل في النار. وقال الخدري : كلما وضعوا أيديهم عليه دابت. وقال عكرمة : هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم، فعلى هذا يجوز أن يكون بدلا من عذاب على حذف مضاف، أي عذاب صعد.
ويجوز أن يكون صعدا مفعول يسلكه، وعذابا مفعول من أجله. وقرأ قوم : صعدا بضمتين وابن عباس والحسن : بضم الصاد وفتح العين. قال الحسن : معناه لا راحة فيه.
وقرأ الجمهور : وَأَنَّ الْمَساجِدَ، بفتح الهمزة عطفا على أَنَّهُ اسْتَمَعَ، فهو من جملة الموحى. وقال الخليل : معنى الآية : وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا : أي لهذا السبب، وكذلك عنده لِإِيلافِ قُرَيْشٍ «١»، لْيَعْبُدُوا
«٢»، وكذلك وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ «٣» : أي ولأن هذه. وقرأ ابن هرمز وطلحة : وإن المساجد، بكسرها على الاستئناف وعلى تقدير الخليل، فالمعنى : فلا تدعوا مع اللّه أحدا في المساجد لأنها للّه خاصة ولعبادته، والظاهر أن المساجد هي البيوت المعدة للصلاة والعبادة في كل ملة. وقال الحسن : كل موضع سجد فيه فهو مسجد، كان مخصوصا لذلك أو لم يكن، لأن الأرض كلها مسجد هذه الأمة. وأبعد ابن عطاء في قوله إنها الآراب التي يسجد عليها، واحدها

(١) سورة قريش : ١٠٦/ ١. [.....]
(٢) سورة قريش : ١٠٦/ ٣.
(٣) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٥٢.


الصفحة التالية
Icon