البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٠٧
الفلاسفة. وأما مشاهدته أصحاب الإلهامات الصادقة، فلي من العمر نحو من ثلاث وسبعين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح، فلم أر أحدا منهم صاحب إلهام صادق.
وأما الكرامات، فلا أشك في صدور شيء منها، لكن ذلك على سبيل الندرة، وذلك في من سلف من صلحاء هذه الأمة وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامات، وللّه تعالى أن يخص من شاء بما شاء واللّه الموفق.
وقرأ الجمهور : لِيَعْلَمَ مبنيا للفاعل. قال قتادة : ليعلم محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم وحفظوا. وقال ابن جبير : ليعلم محمد أن الملائكة الحفظة الرصد النازلين بين يدي جبريل وخلفه قد أبلغوا رسالات ربهم. وقال مجاهد : ليعلم من أشرك وكذب أن الرسل قد بلغت، وعلى هذا القول لا يقع لهم هذا العلم إلا في الآخرة. وقيل :
ليعلم اللّه رسله مبلغة خارجة إلى الوجود، لأن علمه بكل شيء قد سبق. واختار الزمخشري هذا القول الأخير فقال : لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ : يعني الأنبياء. وحد أولا على اللفظ في قوله : مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثم جمع على المعنى كقوله : فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ، والمعنى : ليبلغوا رسالات ربهم كما هي محروسة من الزيادة والنقصان، وذكر العلم كذكره في قوله حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ «١». انتهى. وقيل :
لِيَعْلَمَ، أي : أيّ رسول كان أن الرسل سواه بلغوا. وقيل : ليعلم إبليس أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه وإسراف أصحابه. وقيل : ليعلم الرسل أن الملائكة بلغوا رسالات ربهم. وقيل : ليعلم محمد أن قد بلغ جبريل ومن معه إليه رسالة ربه. وقيل :
ليعلم الجن أن الرسل قد بلغوا ما أنزل إليهم، ولم يكونوا هم المتلقين باستراق السمع.
وقرأ ابن عباس وزيد بن عليّ : ليعلم، بضم الياء مبنيا للمفعول والزهري وابن أبي عبلة :
بضم الياء وكسر اللام، أي ليعلم اللّه، أي من شاء أن يعلمه، أن الرسل قد أبلغوا رسالاته.
وقرأ الجمهور : رِسالاتِ على الجمع وأبو حيوة : على الإفراد. وقرأ الجمهور :
وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ : وأحاط مبنيا للفاعل، أي اللّه، وَأَحْصى : مبنيا للفاعل، أي اللّه كل نصبا وابن أبي عبلة : وأحيط وأحصى مبنيا للمفعول كل رفعا. ولما كان ليعلم مضمنا