البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٢٩
تعيينه. فما قيل : ألف دينار، وقيل : ألف ألف دينار، وكل هذا تحكم. وَبَنِينَ شُهُوداً :
أي حضورا معه بمكة لا يظعنون عنه لغناهم فهو مستأنس بهم، أو شهودا : أي رجالا يشهدون معه المجامع والمحافل، أو تسمع شهادتهم فيما يتحاكم فيه واختلف في عددهم، فذكر منهم : خالد وهشام وعمارة، وقد أسلموا والوليد والعاصي وقيس وعبد شمس. قال مقاتل : فما زال الوليد بعد هذه الآية وبعد نزولها في نقص في ماله وولده حتى هلك.
وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً : أي وطأت وهيأت وبسطت له بساطا حتى أقام ببلدته مطمئنا يرجع إلى رأيه. وقال ابن عباس : وسعت له ما بين اليمن إلى الشام. وقال مجاهد : مهدت له المال بعضه فوق بعض، كما يمهد الفراش. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ : أي على ما أعطيته من المال والولد. كَلَّا : أي ليس يكون كذلك مع كفره بالنعم. وقال الحسن وغيره : ثم يطمع أن أدخله الجنة، لأنه كان يقول : إن كان محمدا صادقا فما خلقت الجنة إلا لي.
ثُمَّ يَطْمَعُ، قال الزمخشري : استبعاد لطمعه واستنكار، أي لا مزيد على ما أوتي كثرة وسعة، كَلَّا : قطع لرجائه وردع. انتهى. وطمعه في الزيادة دليل على مبشعه وحبه للدنيا. إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً : تعليل للرّدع على وجه الاستئناف، كأن قائلا قال : لم لا يزاد؟ فقال إنه كان يعاند آيات المنعم وكفر بذلك، والكافر لا يستحق المزيد وإنما جعلت الآيات بالنسبة إلى الإنعام لمناسبة قوله : وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً إلى آخر ما آتاه اللّه، والأحسن أن يحمل على آيات القرآن لحديثه في القرآن وزعمه أنه سحر.
سَأُرْهِقُهُ : أي سأكلفه وأعنته بمشقة وعسر، صَعُوداً : عقبة في جهنم، كلما وضع عليها شيء من الإنسان ذاب ثم يعود، والصعود في اللغة : العقبة الشاقة، وتقدّم شرح عنيد في سورة إبراهيم عليه السلام.
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ :
روي أن الوليد حاج أبا جهل وجماعة من قريش في أمر القرآن وقال : إن له لحلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن فرعه لجناة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، ونحو هذا من الكلام، فخالفوه وقالوا : هو شعر، فقال : واللّه ما هو بشعر، قد عرفنا الشعر هزجه وبسيطه، قالوا : فهو كاهن، قال : واللّه ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان، قالوا : هو مجنون، قال : واللّه ما هو بمجنون، لقد رأينا المجنون وخنقه، قالوا : هو سحر، قال : أما هذا فيشبه أنه سحر ويقول أقوال نفسه.
وروي هذا بألفاظ غير هذا ويقرب من حيث المعنى، وفيه : وتزعمون أنه كذب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ فقالوا : في