البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٥٢
وابن زيد. واحتمل أن يكون القائل الملائكة، أي من يرقى بروحه إلى السماء؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ قاله ابن عباس أيضا وسليمان التيمي. وقيل : إنما يقولون ذلك لكراهتهم الصعود بروح الكافر لخبثها ونتنها، ويدل عليه قوله بعد : فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى الآية. ووقف حفص على مَنْ
، وابتدأ راقٍ
، وأدغم الجمهور. قال أبو علي :
لا أدري ما وجه قراءته. وكذلك قرأ : بَلْ رانَ «١». انتهى. وكان حفصا قصد أن لا يتوهم أنها كلمة واحدة، فسكت سكتا لطيفا ليشعر أنهما كلمتان. وقال سيبويه : إن النون تدغم في الراء، وذلك نحو من راشد والإدغام بغنة وبغير غنة، ولم يذكر البيان.
ولعل ذلك من نقل غيره من الكوفيين، وعاصم شيخ حفص يذكر أنه كان عالما بالنحو. وأمّا بَلْ رانَ فقد ذكر سيبويه أن اللام البيان فيها، والإدغام مع الراء حسنان، فلما أفرط في شأن البيان في بَلْ رانَ، صار كالوقف القليل. وَظَنَّ، أي المريض، أَنَّهُ : أي ما نزل به، الْفِراقُ : فراق الدنيا التي هي محبوبته، والظن هنا على بابه. وقيل : فراق الروح الجسد.
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، قال ابن عباس والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد :
استعارة لشدّة كرب الدنيا في آخر يوم منها، وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها، لأنه بين الحالين قد اختلطا به، كما يقول : شمرت الحرب عن ساق، استعارة لشدتها. وقال ابن المسيب والحسن : هي حقيقة، والمراد ساقا الميت عند ما لفا في الكفن. وقال الشعبي وقتادة وأبو مالك : التفافهما لشدّة المرض، لأنه يقبض ويبسط ويركب هذه على هذه. وقال الضحاك : أسوق حاضريه من الإنس والملائكة هؤلاء يجهزونه إلى القبر، وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء. وقيل : التفافهما : موتهما أولا، إذ هما أول ما تخرج الروح منهما فتبردان قبل سائر الأعضاء. وجواب إذا محذوف تقديره وجد ما عمله في الدنيا من خير وشر.
إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ : المرجع والمصير، والمساق مفعل من السوق، فهو اسم مصدر، إمّا إلى جنة، وإمّا إلى نار. فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى، الجمهور : إنها نزلت في أبي جهل وكادت أن تصرح به في قوله : يَتَمَطَّى. فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم، وكان يكثر منها. وتقدم أيضا أنه قيل في قوله : أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ