البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٦
وابن مسعود : خاشعة، وجمع التكسير أكثر في كلام العرب. وقال الفراء وأبو عبيدة : كله جائز. انتهى، ومثال جمع التكسير قول الشاعر :
بمطرد لذن صحاح كعربه وذي رونق عضب يقد الوانسا
ومثال الإفراد قوله :
ورجال حسن أوجههم من أياد بن نزار بن معد
وقال آخر :
ترمي الفجاج به الركبان معترضا أعناق بزلها مرخى لها الجدل
وانتصب خشعا وخاشعا وخاشعة على الحال من ضمير يخرجون، والعامل فيه يخرجون، لأنه فعل متصرف، وفي هذا دليل على بطلان مذهب الجرمي، لأنه لا يجوز تقدم الحال على الفعل وإن كان متصرفا. وقد قالت العرب : شتى تؤب الحلبة، فشتى حال، وقد تقدمت على عاملها وهو تؤب، لأنه فعل متصرف، وقال الشاعر :
سريعا يهون الصعب عند أولي النهى إذا برجاء صادق قابلوه البأسا
فسريعا حال، وقد تقدمت على عاملها، وهو يهون. وقيل : هو حال من الضمير المجرور في عنهم من قوله : فَتَوَلَّ عَنْهُمْ وقيل : هو مفعول بيدع، أي قوما خشعا، أو فريقا خشعا، وفيه بعد. ومن أفرد خاشعا وذكر، فعلى تقدير تخشع أبصارهم ومن قرأ خاشعة وأنث، فعلى تقدير تخشع ومن قرأ خشعا جمع تكسير، فلأن الجمع موافق لما بعده، وهو أبصارهم، وموافق للضمير الذي هو صاحب الحال في يخرجون، وهو نظير قولهم : مررت برجال كرام آباؤهم. وقال الزمخشري : وخشعا على يخشعن أبصارهم، وهي لغة من يقول : أكلوني البراغيث، وهم طيء. انتهى. ولا يجري جمع التكسير مجرى جمع السلامة، فيكون على تلك اللغة النادرة القليلة.
وقد نص سيبويه على أن جمع التكسير أكثر في كلام العرب، فكيف يكون أكثر، ويكون على تلك اللغة النادرة القليلة؟ وكذا قال الفراء حين ذكر الإفراد مذكرا ومؤنثا وجمع التكسير، قال : لأن الصفة متى تقدمت على الجماعة جاز فيها جميع ذلك، والجمع موافق للفظها، فكان أشبه. انتهى. وإنما يخرج على تلك اللغة إذا كان الجمع مجموعا بالواو والنون نحو : مررت بقوم كريمين آباؤهم. والزمخشري قاس جمع التكسير على هذا الجمع السالم، وهو قياس فاسد، ويزده النقل عن العرب أن جمع التكسير أجود من