البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٦١
الإلصاق، والمعنى : يشرب عباد اللّه بها الخمر، كما تقول : شربت الماء بالعسل، أو ضمن يشرب معنى يروى فعدى بالباء. وقيل : الباء زائدة والمعنى يشرب بها، وقال الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
قيل : أي شربن ماء البحر. وقرأ ابن أبي عبلة : بشربها وعباد اللّه هنا هم المؤمنون، يُفَجِّرُونَها : يثقبونها بعود قصب ونحوه حيث شاءوا، فهي تجري عند كل واحد منهم، هكذا ورد في الأثر. وقيل : هي عين في دار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تنفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ في الدنيا، وكانوا يخافون. وقال الزمخشري : يُوفُونَ جواب من عسى يقول ما لهم يرزقون ذلك. انتهى. فاستعمل عسى صلة لمن وهو لا يجوز، وأتى بعد عسى بالمضارع غير مقرون بأن، وهو قليل أو في شعر. والظاهر أن المراد بالنذر ما هو المعهود في الشريعة أنه نذر. قال الأصم وتبعه الزمخشري : هذا مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات، لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه كان لما أوجبه اللّه تعالى عليه أوفى. وقيل : النذر هنا عام لما أوجبه اللّه تعالى، وما أوجبه العبد فيدخل فيه الإيمان وجمع الطاعات. عَلى حُبِّهِ : أي على حب الطعام، إذ هو محبوب للفاقة والحاجة، قاله ابن عباس ومجاهد أو على حب اللّه : أي لوجهه وابتغاء مرضاته، قاله الفضيل بن عياض وأبو سليمان الداراني. والأول أمدح، لأن فيه الإيثار على النفس وأما الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر. وقال الحسن بن الفضل : على حب الطعام، أي محبين في فعلهم ذلك، لا رياء فيه ولا تكلف. مِسْكِيناً : وهو الطواف المنكسر في السؤال، وَيَتِيماً : هو الصبي الذي لا أب له، وَأَسِيراً : والأسير معروف، وهو من الكفار، قاله قتادة. وقيل : من المسلمين تركوا في بلاد الكفار رهائن وخرجوا لطلب الفداء. وقال ابن جبير وعطاء : هو الأسير من أهل القبلة. وقيل : وَأَسِيراً استعارة وتشبيه. وقال مجاهد وابن جبير وعطاء : هو المسجون. وقال أبو حمزة اليماني : هي الزوجة وعن أبي سعيد الخدري : هو المملوك والمسجون. وفي الحديث :«غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك».
إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ : هو على إضمار القول، ويجوز أن يكونوا صرحوا به خطابا للمذكورين، منعا منهم وعن المجازاة بمثله أو الشكر، لأن إحسانهم مفعول لوجه اللّه تعالى، فلا معنى لمكافأة الخلق، وهذا هو الظاهر. وقال مجاهد : أما أنهم ما تكلموا