البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٦٥
الكافور، والثاني مزاجه الزنجبيل. وعينا بدل من كأس على حذف، أي كأس عين، أو من زنجبيل على قول قتادة. وقيل : منصوب على الاختصاص. والظاهر أن هذه العين تسمى سلسبيلا بمعنى توصف بأنها سلسلة في الاتساع سهلة في المذاق، ولا يحمل سلسبيل على أنه اسم حقيقة، لأنه إذ ذاك كان ممنوع الصرف للتأنيث والعلمية. وقد روي عن طلحة أنه قرأه بغير ألف، جعله علما لها، فإن كان علما فوجه قراءة الجمهور بالتنوين المناسبة للفواصل، كما قال ذلك بعضهم في سلاسلا وقواريرا ويحسن ذلك أنه لغة لبعض العرب، أعني صرف ما لا يصرفه أكثر العرب. وقال الزمخشري : وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية. انتهى. وكان قد ذكر فقال : شراب سلسل وسلسال وسلسيل، فإن كان عنى أنه زيد حقيقة فليس بجيد، لأن الباء ليست من حروف الزيادة المعهودة في علم النحو وإن عنى أنها حرف جاء في سنح الكلمة وليس في سلسيل ولا في سلسال، فيصح ويكون مما اتفق معناه وكان مختلفا في المادة.
وقال بعض المعربين : سلسيلا أمر للنبي صلّى اللّه عليه وسلم ولأمته بسؤال السبيل إليها، وقد نسبوا هذا القول إلى علي كرم اللّه وجهه
، ويجب طرحه من كتب التفسير. وأعجب من ذلك توجيه الزمخشري له واشتغاله بحكايته، ويذكر نسبته إلى عليّ كرم اللّه وجهه ورضي عنه.
وقال قتادة : هي عين تنبع من تحت العرش من جنة عدن إلى الجنان. وقال عكرمة : عين سلس ماؤها. وقال مجاهد : عين جديرة الجرية سلسلة سهلة المساغ. وقال مقاتل : عين يتسلسل عليهم ماؤها في مجالسهم كيف شاءوا وتقدّم شرح مُخَلَّدُونَ وتشبيه الولدان باللؤلؤ المنثور في بياضهم وصفاء ألوانهم وانتشارهم في المساكن في خدمة أهل الجنة يجيئون ويذهبون. وقيل : شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا أنثر من صدفه، فإنه أحسن في العين وأبهج للنفس. وجواب إِذا رَأَيْتَ : نَعِيماً، ومفعول فعل الشرط محذوف، حذف اقتصارا، والمعنى : وإذا رميت ببصرك هناك، وثم ظرف العامل فيه رأيت. وقيل : التقدير :
وإذا رأيت ما ثم، فحذف ما كما حذف في قوله : لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ «١»، أي ما بينكم.
وقال الزجاج، وتبعه الزمخشري فقال : ومن قال معناه ما ثم فقد أخطأ، لأن ثم صلة لما، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة. انتهى. وليس بخطأ مجمع عليه، بل قد أجاز ذلك الكوفيون، وثم شواهد من لسان العرب كقوله :