البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٧٦
عبد اللّه : ثم سنتبعهم، بسين الاستقبال والأعرج والعباس عن أبي عمرو : بإسكانها فاحتمل أن يكون معطوفا على نُهْلِكِ، واحتمل أن يكون سكن تخفيفا، كما سكن وَما يُشْعِرُكُمْ، فهو استئناف. فعلى الاستئناف يكون الأولين الأمم التي تقدمت قريشا أجمعا، ويكون الآخرين من تأخر من قريش وغيرهم. وعلى التشريك يكون الأولين قوم نوح وإبراهيم عليهما السلام ومن كان معهم، والآخرين قوم فرعون ومن تأخر وقرب من مدة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم. والإهلاك هنا إهلاك العذاب والنكال، ولذلك جاء كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ، فأتى بالصفة المقتضية لإهلاك العذاب وهي الإجرام.
ولما ذكر إفناء الأولين والآخرين، ذكر ووقف على أصل الخلقة التي يقتضي النظر فيها تجويز البعث، مِنْ ماءٍ مَهِينٍ : أي ضعيف هو مني الرجل والمرأة، فِي قَرارٍ مَكِينٍ : وهو الرحم، إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ : أي عند اللّه تعالى، وهو وقت الولادة. وقرأ عليّ بن أبي طالب : فقدرنا بشد الدال
من التقدير، كما قال : مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ «١» وباقي السبعة : بخفها من القدرة؟ وانتصب أَحْياءً وَأَمْواتاً بفعل يدل عليه ما قبله، أي يكفت أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. واستدل بهذا من قال : إن النباش يقطع، لأن بطن الأرض حرز للكفن، فإذا نبش وأخذ منه فهو سارق. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : نكفتكم أحياء وأمواتا، فينتصبا على الحال من الضمير لأنه قد علم أنها كفات الإنس. انتهى. ورَواسِيَ : جبالا ثابتات، شامِخاتٍ : مرتفعات، ومنه شمخ بأنفه : ارتفع، شبه المعنى بالجرم. وَأَسْقَيْناكُمْ : جعلناه سقيا لمزراعكم ومنافعكم.
انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ، لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ، إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ، فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
. يقال للمكذبين : انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ : أي من العذاب. انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ :