البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٩٠
بكسر الحاء وشد السين، وهو مصدر مثل كذاب أقيم مقام الصفة، أي إعطاء محسبا، أي كافيا. وقرأ ابن عباس وسراح : حسنا بالنون من الحسن، وحكى عنه المهدوي حسبا بفتح الحاء وسكون السين والباء، نحو قولك : حسبك كذا، أي كافيك.
وقرأ عبد اللّه وابن أبي إسحاق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم : رب والرحمن بالجر والأعرج وأبو جعفر وشيبة وأبو عمرو والحرميان برفعهما والإخوان : رب بالجر، والرحمن بالرفع، وهي قراءة الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما في الجر على البدل من ربك، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان، وهل يكون بدلا من ربك فيه نظر، لأن البدل الظاهر أنه لا يتكرر فيكون كالصفات، والرفع على إضمار هو رب، أو على الابتداء، وخبره لا يَمْلِكُونَ، والضمير في لا يَمْلِكُونَ عائد على المشركين، قاله عطاء عن ابن عباس، أي لا يخاطب المشركون اللّه. أما المؤمنون فيشفعون ويقبل اللّه ذلك منهم. وقيل : عائد على المؤمنين، أي لا يملكون أن يخاطبوه في أمر من الأمور لعلمهم أن ما يفعله عدل منه. وقيل : عائد على أهل السموات والأرض.
والضمير في منه عائد عليه تعالى، والمعنى أنهم لا يملكون من اللّه أن يخاطبوه في شيء من الثواب. والعقاب خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك، فيزيدون فيه أو ينقصون منه. والعامل في يَوْمَ إما لا يَمْلِكُونَ. وإما لا يَتَكَلَّمُونَ. وقد تقدم الخلاف في الرُّوحُ، أهو جبريل أم ملك أكبر الملائكة خلقة؟ أو خلق على صورة بني آدم، أو خلق حفظة على الملائكة، أو أرواح بني آدم، أو القرآن وقيامه، مجاز يعني به ظهور آثاره الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه. والظاهر عود الضمير في لا يَتَكَلَّمُونَ على الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ. وقال ابن عباس : عائد على الناس، فلا يتكلم أحد إلا بإذن منه تعالى. ونطق بالصواب. وقال عكرمة : الصواب : لا إله إلا اللّه، أي قالها في الدنيا. وقال الزمخشري :
هما شريطتان : أن يكون المتكلم منهم مأذونا لهم في الكلام، وأن يتكلم بالصواب فلا يشفع لغير مرتضى لقوله تعالى : وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى «١». انتهى.
ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ : أي كيانه ووجوده، فَمَنْ شاءَ : وعيد وتهديد، والخطاب في نْذَرْناكُمْ
لمن حضر النبي صلّى اللّه عليه وسلم، واندرج فيه من يأتي بعدهم، ذاباً
: هو عذاب الآخرة لتحقق وقوعه، وكل آت قريب. وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ
: عام في المؤمن والكافر.
قَدَّمَتْ يَداهُ
من خير أو شر لقيام الحجة له وعليه. وقال الزمخشري، وقاله قبله عطاء :

(١) سورة الأنبياء : ٢١/ ٢٨.


الصفحة التالية
Icon