البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٩٤
الفرس والحمار والخنزير، يقال : هشم نخرته. الساهرة : وجه الأرض والفلاة، وصفت بما يقع فيها وهو السهر للخوف. وقال أمية بن أبي الصلت :
وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به لهم مقيم
وقال أبو بكر الهذلي :
يرتدن ساهرة كأن جميمها وعميمها أسداف ليل مظلم
والساهور كالغلاف للقمر يدخل فيه إذا كسف. وقال أمية بن أبي الصلت :
وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم قطانها حتى التنادي
وقيل : دحاها : سواها، قال زيد بن عمرو :
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدّها بأيد وأرسى عليها الجبالا
الطامّة : الدّاهية التي تطم على الدّواهي، أي تعلو وتغلب. وفي أمثالهم : أجرى الوادي فطمّ على القرى، ويقال : طمّ السيل الركية إذا دفنها، والطم : الدّفن والعلو.
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً، وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً، وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً، فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً، فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً، يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ، أَبْصارُها خاشِعَةٌ، يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ، أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً، قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ، فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ، هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى، إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً، اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى، فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى، فَكَذَّبَ وَعَصى، ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى، فَحَشَرَ فَنادى، فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى.
هذه السورة مكية. ولما ذكر في آخر ما قبلها الإنذار بالعذاب يوم القيامة، أقسم في هذه على البعث يوم القيامة. ولما كانت الموصوفات المقسم بها محذوفات وأقيمت صفاتها مقامها، وكان لهذه الصفات تعلقات مختلفة اختلفوا في المراد بها، فقال عبد اللّه وابن عباس النَّازِعاتِ : الملائكة تنزع نفوس بني آدم، وغَرْقاً : إغراقا، وهي المبالغة في الفعل،
أو غرقا في جهنم، يعني نفوس الكفار، قاله عليّ
وابن عباس. وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق. وقال السدّي وجماعة : تنزع بالموت إلى ربها، وغرقا : أي إغراقا في الصدر. وقال السدي أيضا :


الصفحة التالية
Icon