البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٩٧
الزلزلة، والرادفة : الصيحة. وقال ابن زيد : الواجفة : الأرض، والرادفة : الساعة، والعامل في يوم اذكر مضمرة، أو لتبعثن المحذوف واليوم متسع تقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك اليوم المتسع، وتتبعها حال. قيل : أو مستأنف. واجفة : مضطربة، ووجيف القلب يكون من الفزع ويكون من الإشفاق، ومنه قول قيس بن الخطيم :
إن بني حجبا وأسرتهم أكبادنا من ورائهم تجف
قُلُوبٌ : مبتدأ، واجِفَةٌ : صفة تعمل في يَوْمَئِذٍ، أَبْصارُها : أي أبصار أصحاب القلوب، خاشِعَةٌ : مبتدأ وخبر في موضع خبر قُلُوبٌ. وقال ابن عطية : رفع قلوب بالابتداء، وجاز ذلك، وهي نكرة لأنها قد تخصصت بقوله : يَوْمَئِذٍ. انتهى. ولا تتخصص الأجرام بظروف الزمان، وإنما تخصصت بقوله : واجِفَةٌ. يَقُولُونَ :
حكاية حالهم في الدنيا، والمعنى : هم الذين يقولون. والْحافِرَةِ، قال مجاهد : فاعلة بمعنى مفعولة. وقيل : على النسب، أي ذات حفر، والمراد القبور، أي لمردودون أحياء في قبورنا. وقال زيد بن أسلم : الحافرة : النار. وقيل : جمع حافرة بمعنى القدم، أي أحياء نمشي على أقدامنا ونطأ بها الأرض. وقال ابن عباس : الحياة الثانية هي أول الأمر، وتقول التجار : النقد في الحافرة، أي في ابتداء السوم. وقال الشاعر :
آليت لا أنساكم فاعلموا حتى ترد الناس في الحافرة
وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة : في الحفرة بغير ألف والجمهور : بالألف.
وقيل : هما بمعنى واحد. وقيل : هي الأرض المنتنة المتغيرة بأجساد موتاها، من قولهم :
حفرت أسنانه إذا تأكلت وتغيرت. وقرأ عمر وأبي وعبد اللّه وابن الزبير وابن عباس ومسروق ومجاهد والإخوان وأبو بكر : ناخرة بألف وأبو رجاء والحسن والأعرج وأبو جعفر وشيبة والسلمي وابن جبير والنخعي وقتادة وابن وثاب وأيوب وأهل مكة وشبل وباقي السبعة : بغير ألف. قالُوا تِلْكَ إِذاً : أي الردة إلى الحافرة إن رددنا، كَرَّةٌ خاسِرَةٌ : أي قالوا ذلك لتكذيبهم بالغيب، أي لو كان هذا حقا، لكانت ردتنا خاسرة، إذ هي إلى النار. وقال الحسن : خاسرة : كاذبة، أي ليست بكافية، وهذا القول منهم استهزاء. وروي أن بعض صناديد قريش قال ذلك. فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ لما تقدم. يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ :
تضمن قولهم استبعاد النشأة الثانية واستضعاف أمرها، فجاء قوله : فَإِنَّما مراعاة لما دل عليه استبعادهم، فكأنه قيل : ليس بصعب ما تقولون، فإنما هي نفخة واحدة، فإذا هم منشورون أحياء على وجه الأرض. قال ابن عباس : الساهرة أرض من فضة يخلقها اللّه