البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٠٨
تشتغل، يقال : لها عن الشيء يلهى، إذا اشتغل عنه. قيل : وليس من اللهو الذي هو من ذوات الواو. انتهى. ويمكن أن يكون منه، لأن ما يبنى على فعل من ذوات الواو تنقلب واوه ياء لكسرة ما قبلها، نحو : شقي يشقى، فإن كان مصدره جاء بالياء، فيكون من مادة غير مادة اللهو. وقرأ الجمهور : تَلَهَّى والبزي عن ابن كثير : عنهو تلهى، بإدغام تاء المضارعة في تاء تفعل وأبو جعفر : بضمها مبنيا للمفعول، أي يشغلك دعاء الكافر للإسلام وطلحة : بتاءين وعنه بتاء واحدة وسكون اللام.
كَلَّا إِنَّها : أي سورة القرآن والآيات، تَذْكِرَةٌ : عظة ينتفع بها. فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ : أي فمن شاء أن يذكر هذه الموعظة ذكره، أتى بالضمير مذكرا لأن التذكرة هي الذكر، وهي جملة معترضة تتضمن الوعد والوعيد، فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا «١»، واعترضت بين تذكرة وبين صفته، أي تذكرة : كائنة. فِي صُحُفٍ، قيل : اللوح المحفوظ، وقيل : صحف الأولياء المنزلة، وقيل : صحف المسلمين، فيكون إخبارا بمغيب، إذ لم يكتب القرآن في صحف زمان، كونه عليه السلام بمكة ينزل عليه القرآن، مكرمة عند اللّه، ومرفوعة في السماء السابعة، قاله يحيى بن سلام، أو مرفوعة عن الشبه والتناقض، أو مرفوعة المقدار. مُطَهَّرَةٍ : أي منزهة عن كل دنس، قاله الحسن. وقال أيضا : مطهرة من أن تنزل على المشركين. وقال الزمخشري : منزهة عن أيدي الشياطين، لا تمسها إلا أيدي ملائكة مطهرة. سَفَرَةٍ : كتبة ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ.
انتهى. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، قال ابن عباس : هم الملائكة لأنهم كتبة. وقال أيضا : لأنهم يسفرون بين اللّه تعالى وأنبيائه. وقال قتادة : هم القراء، وواحد السفرة سافر. وقال وهب :
هم الصحابة، لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والعلم.
قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ،
قيل : نزلت في عتبة بن أبي لهب، غاضب أباه فأسلم، ثم استصلحه أبوه وأعطاه مالا وجهزه إلى الشام، فبعث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه كافر برب النجم إذا هوى.
وروي أنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«اللهم ابعث عليه كلبك يأكله». فلما انتهى إلى الغاضرة ذكر الدعاء، فجعل لمن معه ألف دينار إن أصبح حيا، فجعلوه وسط الرفقة والمتاع حوله. فأقبل الأسد إلى الرجال ووثب، فإذا هو فوقه فمزقه، فكان أبوه يندبه ويبكي عليه، وقال : ما قال محمد شيئا قط إلا كان
، والآية، وإن نزلت في مخصوص، فالإنسان يراد به