البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٥٠
وما أدراك ما الطارق حتى الطارق، انتهى. فعلى هذا يكون النَّجْمُ الثَّاقِبُ بعضا مما دل عليه وَالطَّارِقِ، إذ هو اسم جنس يراد به جميع الطوارق. وعلى قول غيره : يراد به واحد مفسر بالنجم الثاقب. والنجم الثاقب عند ابن عباس : الجدي، وعند ابن زيد :
زحل. وقال هو أيضا وغيره : الثريا، وهو الذي تطلق عليه العرب اسم النجم. وقال علي : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة، فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد.
وقال الحسن : هو اسم جنس لأنها كلها ثواقب، أي ظاهرة الضوء. وقيل :
المراد جنس النجوم التي يرمى بها ويرجم. والثاقب، قيل : المضيء يقال : ثقب يثقب ثقوبا وثقابة : أضاء، أي يثقب الظلام بضوئه. وقيل : المرتفع العالي، ولذلك قيل هو زحل لأنه أرقها مكانا. وقال الفراء : ثقب الطائر ارتفع وعلا.
وقرأ الجمهور : إن خفيفة، كل رفعا لما خفيفة، فهي عند البصريين مخففة من الثقيلة، وكل مبتدأ واللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن المخففة، وما زائدة، وحافظ خبر المبتدأ، وعليها متعلق به. وعند الكوفيين : إن نافية، واللام بمعنى إلا، وما زائدة، وكل وحافظ مبتدأ وخبر والترجيح بين المذهبين مذكور في علم النحو. وقرأ الحسن والأعرج وقتادة وعاصم وابن عامر وحمزة وأبو عمرو ونافع بخلاف عنهما : لما مشددة وهي بمعنى إلا، لغة مشهورة في هذيل وغيرهم. تقول العرب : أقسمت عليك لما فعلت كذا :
أي إلا فعلت، قاله الأخفش. فعلى هذه القراءة يتعين أن تكون نافية، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ. وحكى هارون أنه قرىء : إن بالتشديد، كل بالنصب، فاللام هي الداخلة في خبر إن، وما زائدة، وحافظ خبر إن، وجواب القسم هو ما دخلت عليه إن، سواء كانت المخففة أو المشددة أو النافية، لأن كلّا منها يتلقى به القسم فتلقيه بالمشددة مشهور، وبالمخففة تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ «١»، وبالنافية وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما «٢». وقيل :
جواب القسم إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ، وما بينهما اعتراض، والظاهر عموم كل نفس. وقال ابن سيرين وقتادة وغيرهما : إِنْ كُلُّ نَفْسٍ مكلفة، عَلَيْها حافِظٌ : يحصي أعمالها ويعدها للجزاء عليها، فيكون في الآية وعيد وزاجر وما بعد ذلك يدل عليه. وقيل : حفظة من اللّه يذبون عنها، ولو وكل المرء إلى نفسه لا ختطفته الغير والشياطين. وقال الكلبي

(١) سورة الصافات : ٣٧/ ٥٦.
(٢) سورة فاطر : ٣٥/ ٤١.


الصفحة التالية
Icon