البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٦٩
صَفًّا، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى، يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي، فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ، وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ، يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي
هذه السورة مكية في قول الجمهور. وقال عليّ بن أبي طلحة : مدنية.
ولما ذكر فيما قبلها وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ «١»، ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ «٢»، أتبعها بذكر الطوائف المتكبرين المكذبين المتجبرين الذين وجوههم خاشعة، وأشار إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله : يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. وأيضا لما قال : إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ «٣»، قال هنا : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ، تهديدا لمن كفر وتولى. وقرأ أبو الدينار الأعرابي : والفجر، والوتر، ويسر بالتنوين في الثلاثة. قال ابن خالويه : هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على آخر القوافي بالتنوين، وإن كان فعلا، وإن كان فيه ألف ولام.
قال الشاعر :
أقلّي اللوم عاذل والعتابا وقولي إن أصبت لقد أصابا
انتهى. وهذا ذكره النحويون في القوافي المطلقة إذا لم يترنم الشاعر، وهو أحد الوجهين اللذين للعرب إذا وقفوا على الكلم في الكلام لا في الشعر، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى القوافي. وقرأ الجمهور : وَلَيالٍ عَشْرٍ بالتنوين وابن عباس : بالإضافة، فضبطه بعضهم. وَلَيالٍ عَشْرٍ بلام دون ياء، وبعضهم وليالي عشر بالياء، ويريد : وليالي أيام عشر. ولما حذف الموصوف المعدود، وهو مذكر، جاء في عدده حذف التاء من عشر.
والجمهور : وَالْوَتْرِ بفتح الواو وسكون التاء، وهي لغة قريش. والأغر عن ابن عباس، وأبو رجاء وابن وثاب وقتادة وطلحة والأعمش والحسن : بخلاف عنه والأخوان : بكسر الواو، وهي لغة تميم، واللغتان في الفرد، فأما في الرحل فالكسر لا غير. وحكى الأصمعي : فيه اللغتين ويونس عن أبي عمرو : بفتح الواو وكسر التاء. والجمهور :
يَسْرِ بحذف الياء وصلا ووقفا وابن كثير : بإثباتها فيهما ونافع وابن عمرو : بخلاف عنه بياء في الوصل وبحذفها في الوقف والظاهر وقول الجمهور، منهم علي وابن عباس وابن الزبير : أن الفجر هو المشهور، أقسم به كما أقسم بالصبح
ويراد به الجنس، لا فجر يوم مخصوص. وقال ابن عباس ومجاهد من يوم النحر وعكرمة : من يوم الجمعة

(١) سورة الغاشية : ٨٨/ ٢.
(٢) سورة الغاشية : ٨٨/ ٨. [.....]
(٣) سورة الغاشية : ٨٨/ ٢٣.


الصفحة التالية
Icon