البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٧٩
وجمعه نجود، وبه سميت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة، والنجد : الطريق العالي.
قال امرؤ القيس :
فريقان منهم جازع بطن نحله وآخر منهم قاطع كبكير
الفك : تخليص الشيء من الشيء، قال الشاعر :
فيا رب مكروب كررت وراءه وعان فككت الغل عنه فقداني
السغب : الجوع العام، وقد يقال سغب الرجل إذا جاع. ترب الرجل، إذا افتقر ولصق بالتراب، وأترب، إذا استغنى وصار ذا مال كالتراب، وكذلك أثرى. أوصدت الباب وآصدته، إذا أغلقته وأطبقته. قال الشاعر :
تحن إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء مؤصدة
لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، وَوالِدٍ وَما وَلَدَ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ، أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً، أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ، أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ، وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ، فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ، ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ، أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ، عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ.
هذه السورة مكية في قول الجمهور، وقيل : مدنية. ولما ذكر تعالى ابتلاءه للإنسان بحالة التنعيم وحالة التقدير، وذكر من صفاته الذميمة ما ذكر، وما آل إليه حاله وحال المؤمن، أتبعه بنوع من ابتلائه ومن حاله السيّء وما آل إليه في الآخرة. والإشارة لهذا البلد إلى مكة.
وَأَنْتَ حِلٌّ : جملة حالية تفيد تعظيم المقسم به، أي فأنت مقيم به، وهذا هو الظاهر. وقال ابن عباس وجماعة : معناه : وأنت حلال بهذا البلد، يحل لك فيه قتل من شئت، وكان هذا يوم فتح مكة. وقال ابن عطية : وهذا يتركب على قول من قال لا نافية، أي إن هذا البلد لا يقسم اللّه به، وقد جاء أهله بأعمال توجب الإحلال، إحلال حرمته.
وقال شرحبيل بن سعد : يعني وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ، جعلوك حلالا مستحل الأذى والقتل والإخراج، وهذا القول بدأ به الزمخشري، وقال : وفيه بعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة، وتعجب من حالهم في عداوته، أو سلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بالقسم ببلده