البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٨٦
المعنى غير القمر. وقيل : من أول الشهر إلى نصفه، في الغروب تغرب هي ثم يغرب هو وفي النصف الآخر يتحاوران، وهو أن تغرب هي فيطلع هو. وقال الزمخشري : تلاها طالعا عند غروبها أخذا من نورها وذلك في النصف الأول من الشهر.
وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها : الظاهر أن مفعول جلاها هو الضمير عائد على الشمس، لأنه عند انبساط النهار تنجلي الشمس في ذلك الوقت تمام الانجلاء. وقيل : يعود على الظلمة. وقيل : على الأرض. وقيل : على الدنيا، والذي يجلي الظلمة هو الشمس أو النهار، فإنه وإن لم تطلع الشمس لا تبقى الظلمة، والفاعل بجلاها ضمير النهار. قيل :
ويحتمل أن يكون عائدا على اللّه تعالى، كأنه قال : والنهار إذا جلى اللّه الشمس، فأقسم بالنهار في أكمل حالاته.
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها : أي يغشى الشمس، فبدخوله تغيب وتظلم الآفاق، ونسبة ذلك إلى الليل مجاز. وقيل : الضمير عائد على الأرض، والذي تقتضيه الفصاحة أن الضمائر كلها إلى قوله : يَغْشاها عائدة على الشمس. وكما أن النهار جلاها، كان النهار هو الذي يغشاها. ولما كانت الفواصل ترتبت على ألف وهاء المؤنث، أتى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها بالمضارع، لأنه الذي ترتب فيه. ولو أتى بالماضي، كالذي قبله وبعده، كان يكون التركيب إذا غشيها، فتفوت الفاصلة، وهي مقصودة. وقال القفال ما ملخصه : هذه الأقسام بالشمس في الحقيقة بحسب أوصاف أربعة : ضوءها عند ارتفاع النهار وقت انتشار الحيوان، وطلب المعاش، وتلو القمر لها بأخذه الضوء، وتكامل طلوعها وبروزها وغيبوبتها بمجيء الليل. وما في قوله : وَما بَناها، وما طَحاها، وما سَوَّاها، بمعنى الذي، قاله الحسن ومجاهد وأبو عبيدة، واختاره الطبري، قالوا : لأن ما تقع على أولي العلم وغيرهم.
وقيل : مصدرية، قاله قتادة والمبرد والزجاج، وهذا قول من ذهب إلى أن ما لا تقع على آحاد أولي العلم.
وقال الزمخشري : جعلت مصدرية، وليس بالوجه لقوله : فَأَلْهَمَها، وما يؤدي إليه من فساد النظم والوجه أن تكون موصولة، وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية، كأنه قيل : والسماء والقادر العظيم الذي بناها، ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها، وفي كلامهم سبحان من سخركن لنا، انتهى.
أما قوله : وليس بالوجه لقوله : فَأَلْهَمَها، يعني من عود الضمير في فَأَلْهَمَها على اللّه تعالى، فيكون قد عاد على مذكور، وهو ما المراد به الذي، ولا يلزم ذلك لأنا إذا