البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٩٤
وبيان الشرائع. وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى : أي ثواب الدارين، لقوله تعالى : وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «١». وقرأ ابن الزبير وزيد بن عليّ وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير : تتلظى بتاءين، والبزي بتاء مشدّدة، والجمهور : بتاء واحدة. وقال الزمخشري : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل : الْأَشْقَى، وجعل مختصا بالصلي، كأن النار لم تخلق إلا له. وقال : الْأَتْقَى، وجعل مختصا بالنجاة وكأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل : هما أبو جهل، أو أمية بن خلف وأبو بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه. يَتَزَكَّى، من الزكاة : أي يطلب أن يكون عند اللّه زاكيا، لا يريد به رياء ولا سمعة، أو يتفعل من الزكاة، انتهى. وقرأ الجمهور : يَتَزَكَّى مضارع تزكى. وقرأ الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنهم : بإدغام التاء في الزاي
ويتزكى في موضع الحال، فموضعه نصب. وأجاز الزمخشري أن لا يكون له موضع من الإعراب لأنه جعله بدلا من صلة الذي، وهو يُؤْتِي، قاله : وهو إعراب متكلف، وجاء تُجْزى مبنيا للمفعول لكونه فاصلة، وكان أصله نجزيه إياها أو نجزيها إياه. وقرأ الجمهور : إِلَّا ابْتِغاءَ بنصب الهمزة، وهو استثناء منقطع لأنه ليس داخلا في مِنْ نِعْمَةٍ. وقرأ ابن وثاب : بالرفع على البدل في موضع نعمة لأنه رفع، وهي لغة تميم، وأنشد بالوجهين قول بشر بن أبي حازم.
أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها إلا الجاذر والظلمات تختلف
وقال الراجز في الرفع :
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
وقرأ ابن أبي عبلة : إِلَّا ابْتِغاءَ، مقصورا. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ابتغاء وجه اللّه مفعولا له على المعنى، لأن معنى الكلام لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه، لا لمكافأة نعمة، انتهى. وهذا أخذه من قول الفراء. قال الفراء : ونصب على تأويل ما أعطيك ابتغاء جزائك، بل ابتغاء وجه اللّه. وَلَسَوْفَ يَرْضى : وعد بالثواب الذي يرضاه.
وقرأ الجمهور : يَرْضى بفتح الياء، وقرىء : بضمها، أي يرضى فعله، يرضاه اللّه ويجازيه عليه.