البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥١١
كَلَّا : ردع لأبي جهل ومن في طبقته عن نهي عباد اللّه عن عبادة اللّه. لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عن ما هو فيه، وعيد شديد لَنَسْفَعاً : أي لنأخذن، بِالنَّاصِيَةِ : وعبر بها عن جميع الشخص، أي سحبا إلى النار لقوله : فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ «١»، واكتفى بتعريف العهد عن الإضافة، إذ علم أنها ناصية الناهي. وقرأ الجمهور : بالنون الخفيفة، وكتبت بالألف باعتبار الوقف، إذ الوقف عليها بإبدالها ألفا، وكثر ذلك حتى صارت رويا، فكتبت ألفا كقوله :
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا
وقال آخر :
بحسبه الجاهل ما لم يعلما
ومحبوب وهارون، كلاهما عن أبي عمرو : بالنون الشديدة. وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس، إذا غيرت وجهه إلى حال شديد. وقال التبريزي : قيل : أراد لنسودن وجهه من السفعة وهي السواد، وكفت من الوجه لأنها في مقدمة. وقرأ الجمهور : ناصِيَةٍ، كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ، بجر الثلاثة على أن ناصية بدل نكرة من معرفة. قال الزمخشري : لأنها وصفت فاستقلت بفائدة، انتهى. وليس شرطا في إبدال النكرة من المعرفة أن توصف عند البصريين خلافا لمن شرط ذلك من غيرهم، ولا أن يكون من لفظ الأول أيضا خلافا لزاعمه. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن علي : بنصب الثلاثة على الشتم والكسائي في رواية : برفعها، أي هي ناصبة كاذبة خاطئة، وصفها بالكذب والخطأ مجازا، والحقيقة صاحبها، وذلك أحرى من أن يضاف فيقال : ناصية كاذب خاطئ، لأنها هي المحدث عنها في قوله : لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ. فَلْيَدْعُ نادِيَهُ : إشارة إلى قول أبي جهل : وما بالوادي أكبر ناديا مني، والمراد أهل النادي. وقال جرير :
لهم مجلس صهب السبال أذلة أي أهل مجلس، ولذلك وصف بقوله : صهب السبال أذلة، وهو أمر تعجبي، أي لا يقدره اللّه على ذلك، لو دعا ناديه لأخذته الملائكة عيانا. وقرأ الجمهور : سَنَدْعُ بالنون مبنيا للفاعل، وكتبت بغير واو لأنها تسقط في الوصل لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن أبي عبلة :