البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٢٧
يخرجن من مستطار النقع دامية كأن آذانها أطراق أقلام
وقال ابن رواحة :
عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء
وقال أبو عبيدة : النقع : رفع الصوت، ومنه قول لبيد :
فمتى ينقع صراخ صادق تحلبوها ذات حرس وزجل
الكنود : الكفور للنعمة، قال الشاعر :
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعد
وعن ابن عباس : الكنود، بلسان كندة وحضر موت : العاصي وبلسان ربيعة ومضر :
الكفور وبلسان كنانة : البخيل السيّء الملكة، وقاله مقاتل. وقال الكلبي مثله إلا أنه قال : وبلسان بني مالك : البخيل، ولم يذكر وحضر موت، ويقال : كند النعمة كنودا. وقال أبو زبيد في البخيل :
إن تفتني فلم أطب عنك نفسا غير أني أمني بدهر كنود
حصل الشيء : جمعه، وقيل : ميزه من غيره، ومنه قيل للمنحل : المحصل، وحصل الشيء : ظهر واستبان.
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً، إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ، وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ، أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ، إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.
هذه السورة مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء، مدنية في قول ابن عباس وأنس وقتادة. لما ذكر فيما قبلها ما يقتضي تهديدا ووعيدا بيوم القيامة، بتعنيف لمن لا يستعد لذلك اليوم، ومن آثر أمر دنياه على أمر آخرته. والجمهور من أهل التفسير واللغة على أن العاديات هنا الخيل، تعدو في سبيل اللّه وتضبح حالة عدوها، وقال عنترة :
والخيل تكدح حين تضبح في حياض الموت ضبحا
وقال أبو عبد اللّه وعلي وإبراهيم والسدي ومحمد بن كعب وعبيد بن عمير : العاديات : الإبل.
أقسم بها حين تعدو من عرفة ومن المزدلفة إذا دفع الحاج.
وبأهل غزوة بدر لم يكن فيها غير فرسين، فرس للزبير وفرس للمقداد، وبهذا حج عليّ رضي اللّه عنه