البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٣٧
في الزمان.
وقال الضحاك : الزجر الأول ووعيده للكافرين، والثاني للمؤمنين. كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ : أي ما بين أيديكم مما تقدمون عليه، عِلْمَ الْيَقِينِ : أي كعلم ما تستيقنونه من الأمور لما ألهاكم التكاثر أو العلم اليقين، فأضاف الموصوف إلى صفته وحذف الجواب لدلالة ما قبله عليه وهو أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ. وقيل : اليقين هنا الموت. وقال قتادة : البعث، لأنه إذا جاء زال الشك. ثم قال : لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ : والظاهر أن هذه الرؤية هي رؤية الورود، كما قال تعالى : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها «١»، ولا تكون رؤية عند الدخول، فيكون الخطاب للكفار لأنه قال بعد ذلك : ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ : تأكيد للجملة التي قبلها، وزاد التوكيد بقوله : عَيْنَ الْيَقِينِ نفيا لتوهم المجاز في الرؤية الأولى. وعن ابن عباس : هو خطاب للمشركين، فالرؤية دخول. وقرأ ابن عامر والكسائي : لترون بضم التاء وباقي السبعة : بالفتح، وعليّ وابن كثير في رواية، وعاصم في رواية : بفتحها في لَتَرَوُنَّ، وضمها في لَتَرَوُنَّها، ومجاهد والأشهب وابن أبي عبلة : بضمهما. وروي عن الحسن وأبي عمرو بخلاف عنهما أنهما همزا الواوين، استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا كما همزوا في وقتت، وكان القياس أن لا تهمز، لأنها حركة عارضة لالتقاء الساكنين فلا يعتد بها. لكنها لما تمكنت من الكلمة بحيث لا تزول أشبهت الحركة الأصلية فهمزوا، وقد همزوا من الحركة العارضة ما يزول في الوقف نحو استرؤا الصلاة، فهمز هذه أولى.
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ : الظاهر العموم في النعيم، وهو كل ما يتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب، فالمؤمن يسأل سؤال إكرام وتشريف، والكافر سؤال توبيخ وتقريع. وعن ابن مسعود والشعبي وسفيان ومجاهد : هو الأمن والصحة. وعن ابن عباس :
البدن والحواس فيم استعملها. وعن ابن جبير : كل ما يتلذذ به. وفي الحديث :«بيت يكنك وخرقة تواريك وكسرة تشد قلبك وما سوى ذلك فهو نعيم».