البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٣٩
العصر، في مصحف حفصة، وقوله صلّى اللّه عليه وسلم :«من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله»،
لأن التنكيف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم وتحاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم، انتهى. وقرأ سلام : والعصر بكسر الصاد، والصبر بكسر الباء. قال ابن عطية :
وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة. وروي عن أبي عمرو : بالصبر بكسر الباء إشماما، وهذا أيضا لا يكون إلا في الوقف، انتهى. وفي الكامل للهزلي : والعصر، والصبر، والفجر، والوتر، بكسر ما قبل الساكن في هذه كلها هارون وابن موسى عن أبي عمرو والباقون : بالإسكان كالجماعة، انتهى. وقال ابن خالويه : وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ، بنقل الحركة عن أبي عمرو. وقال صاحب اللوامح عيسى : البصرة بالصبر، بنقل حركة الهاء إلى الياء لئلا يحتاج أن يأتي ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين، وذلك لغة شائعة، وليست شاذة بل مستفيضة، وذلك دلالة على الإعراب، وانفصال عن التقاء الساكنين، ومادته حق الموقوف عليه من السكون، انتهى. وقد أنشدنا في الدلالة على هذا في شرح التسهيل عدّة أبيات، كقول الراجز :
أنا جرير كنيتي أبو عمر أضرب بالسيف وسعد في العصر
يريد : أبو عمر. والعصر والإنسان اسم جنس يعم، ولذلك صح الاستثناء منه، والخسر : الخسران، كالكفر والكفران، وأي خسران أعظم ممن خسر الدنيا والآخرة؟ وقرأ ابن هرمز وزيد بن عليّ وهارون عن أبي بكر عن عاصم : خسر بضم السين، والجمهور بالسكون. ومن باع آخرته بدنياه فهو في غاية الخسران، بخلاف المؤمن، فإنه اشترى الآخرة بالدنيا، فربح وسعد. وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ : أي بالأمر الثابت من الذين عملوا به وتواصوا به، وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ في طاعة اللّه تعالى، وعن المعاصي.