البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٤٨
بالأسفار التي إنما هي طلب كسب وعرض دنيا. وقال الخليل بن أحمد : تتعلق بقوله :
ْيَعْبُدُوا
، والمعنى لأن فعل اللّه بقريش هذا ومكنهم من إلفهم هذه النعمة.
ْيَعْبُدُوا
أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلة. قال الزمخشري : فإن قلت : فلم دخلت الفاء؟ قلت : لما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى : إما لا فليعبدوا لإيلافهم على معنى أن نعم اللّه عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة، انتهى. وقرأ الجمهور : لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، مصدر آلف رباعيا وابن عامر : لالاف على وزن فعال، مصدر ألف ثلاثيا. يقال : ألف الرجل الأمر إلفا وإلافا، وآلفه غيره إياه إيلافا، وقد يأتي ألف متعديا لواحد كإلف، قال الشاعر :
من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في متنها يتوضح
ولم يختلف القراء السبعة في قراءة إيلافهم مصدرا للرباعي. وروي عن أبي بكر، عن عاصم أنه قرأ بهمزتين، فيهما الثانية ساكنة، وهذا شاذ، وإن كان الأصل أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين، ولم يبدلوا في نحو يؤلف على جهة اللزوم لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه، وهذا المروي عن عاصم هو من طريق الشمني عن الأعشى عن أبي بكر. وروى محمد بن داود النقار عن عاصم : إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبع كسرتها، والصحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثانية، وأنه قرأ كالجماعة. وقرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري : لإلف قريش وقرأ فيما حكى ابن عطية الفهم. قال الشاعر :
زعمتم أن إخوتكم قريشا لهم إلف وليس لكم إلاف
جمع بين مصدري ألف الثلاثي. وعن أبي جعفر وابن عامر : الافهم على وزن فعال. وعن أبي جعفر وابن كثير : إلفهم على وزن فعل، وبذلك قرأ عكرمة. وعن أبي جعفر أيضا : ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس. وعن عكرمة : ليألف قريش وعنه أيضا : لتألف قريش على الأمر، وعنه وعن هلال بن فتيان : بفتح لام الأمر، وأجمعوا هنا على صرف قريش، راعوا فيه معنى الحي، ويجوز منع صرفه ملحوظا فيه معنى القبيلة للتأنيث والعلمية. قال الشاعر :
وكفى قريش المعضلات وسادها جعله اسما للقبيلة سيبويه في نحو معد وقريش وثقيف، وكينونة هذه للإحياء أكثر،