البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٥٠
غير ذي زرع عرضة للجوع والخوف لولا لطف اللّه تعالى بهم، وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام. قال تعالى : يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ ءٍ
«١». وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ : فضلهم على العرب بكونهم يأمنون حيث ما حلوا، فيقال : هؤلاء قطان بيت اللّه، فلا يتعرض إليهم أحد، وغيرهم خائفون. وقال ابن عباس والضحاك : وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ : معناه من الجذام، فلا ترى بمكة مجذوما. قال الزمخشري : والتنكير في جوع وخوف لشدتهما، يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم، وهو خوف أصحاب الفيل، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم. وقرأ الجمهور : مِنْ خَوْفٍ، بإظهار النون عند الخاء، والمسيبي عن نافع : بإخفائها، وكذلك مع العين، نحو من على، وهي لغة حكاها سيبويه. وقال ابن الأسلت يخاطب قريشا :
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء ومصدق غداة أبي مكسوم هادي الكتائب
كثيبة بالسهل تمشي ورحلة على العادقات في رؤوس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساق وحاجب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملجيش غير عصائب